ن والقلم وما يسطرون
ن والقلم وما يسطرون – ناجح صالح
ها هو رب العزة يقسم بالقلم وهو قسم عظيم .قيل أن اول ما خلق الله القلم فكتب ما كان وما يكون في اللوح المحفوظ.ترى ما هو هذا القلم !
ما لغزه وما جدواه !الواقع ان القلم لعب وما يزال يلعب دورا كبيرا في صنع الحضارات ، وهو الذي حفظ لنا التاريخ اذ لولاه لكان الأمر عبثا وشكا من غير يقين .وهذا القرآن كان محفوظا في الصدور ولكن ألا يضيع بعضه وربما كله بعد حين سهوا ونسيانا فآثر رسول الله ان يكتبه على صحف كانت شائعة على عهده فاختار عليه السلام من يحسن الكتابة لهذه المهمة وهم من سماهم بكتاب الوحي . . وهكذا ظل ويظل القرآن محفوظا الى يوم يبعثون بعد علمنا ان الله هو حافظه قبل ذلك .يرى الباحثون ان الانسان عرف الكتابة في منتصف الألف الثالث قبل الميلاد وانه استخدم القلم لهذا الغرض ، وأن السومريين هم من فتحوا هذا الباب الذي يحسب لهم بأنه اهم انجاز حضاري .
وقد انتقل هذا الخط المسماري الذي ابتدعه السومريون من العراق الى الأقطار المجاورة ثم انه بعد حين ابتدع المصريون الخط الهيروغليفي .وكانت الكتابة في البدء لغرض ديني بحت ثم فيما بعد رافق ذلك للمعاملات التجارية .ويذكر في هذا الصدد ان علماء الآثار في حفرياتهم وتنقيباتهم عثروا على الكثير من الألواح الطينية التي دون عليها جملة من الأخبار بشأن حياتهم ، وانه عثر ايضا على كتابات منقوشة على جدران المعابد وعلى التماثيل وعلى واجهات المقابر .وحينما قام العالم الفرنسي ( شامبليون ) بتحليل وقراءة الخط الهيروغليفي اتضحت لنا معرفة الكثير من اسرار الحضارة المصرية بما فيها من تحنيط وبناء الأهرام .والقلم هو الذي أخبرنا ايضا عن حضارة اليمن القديمة علاوة على حضارات اخرى .
وفي العصر العباسي استخدم الورق الذي اقتبست صناعته من الصين فكان طفرة مميزة في تيسير الكتابة وانتشارها يرافقها القلم الذي اتخذ اشكالا جديدة هو الآخر .وأعود للقول بأننا منذ عرفنا القلم فان حياتنا تبدلت بل انتقلت الى عالم المعرفة والعلم ، وحينما نقرأ سطور الكتاب وما تحتويه هذه السطور من لمسات مضيئة تغني عقولنا حينئذ نذكر ما يفعله القلم الذي هو في الواقع أداة مطيعة لأفكارنا ، فمن وحي القلم يتألق الأديب ومن وحيه يقول العالم كلمته وآخرون يسيرون بخطواتهم من وحيه .هكذا هو الأمر بعد ان حسمه رب العزة بقوله ( ن والقلم وما يسطرون) .