الاولى نيوز / بغداد
يحاول رئيس حكومة الاقليم الذي يعد أهم شخصية في كُردستان حالياً نيجيرفان بارزاني ترميم علاقات حزبه وحكومته مع حليفتها السابقة أنقرة بعد الاستفتاء تقابلها هواجس ومخاوف تركية من المرحلة المقبلة في حال إقصاء الديمقراطي الكُردستاني عن المشهد السياسي…
نيجيرفان بارزاني استهلّ عهده، بصفته الشخصية الرئيسية لهذه المرحلة في الساحة الكُردية، بتوجيه طلب للقيادة التركية لزيارة أنقرة، معلنا بذلك بدء ممارسة مهمّته الرئيسية في محاولة ترميم علاقات أربيل الإقليمية والدولية بعد الضرر الكبير الذي لحق بها بفعل استفتاء الاستقلال الذي أصرّت القيادة الكردية على إجرائه، وتحوّلت نتائجه إلى وبال على الإقليم وقيادته السياسية التي يتصدرها آل بارزاني لسنوات عديدة.
ونيجيرفان المرتبط بعلاقة المصاهرة والدم مع عمه مسعود بارزاني الذي تنحى عن منصب رئاسة الاقليم منذ بداية الشهر الجاري، يتمتع بعلاقة طيبة مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي أيّد مواقف بغداد في قضية الاستفتاء، ويحاول الآن اعادة المياه الى مجاريها مع حليفه القديم في قصر الرئاسي بأنقرة الذي فتح للإقليم باب بيع النفط بشكل مستقل عن بغداد، وأمّنَ له منفذاً خارجياً للتواصل مع العالم عبر معبر إبراهيم الخليل بعيداً عن أنظار الحكومة الاتحادية.
رغبة نيجيرفان الملحة وخلفه الحزب الديمقراطي الكُردستاني في ترميم العلاقات من تركيا يقابلها هاجس تركي من تداعيات خسارة حليفهم في اقليم كردستان واحتمال ملء الفراغ من قبل مناوئي أنقرة، حيث تشير تحليلات سياسية نشرتها صحيفة ملليت التركية إلى أن إبعاد مسعود بارزاني سيفتح باباً أمام أخطار محدقة تتمثل بتعاظم احتمال ظهور حزب العمال الكردستاني على مسرح الأحداث في الإقليم عقب مرحلة من الفوضى، اضافة الى عدم استبعاد اقبال أميركا على اعطاء دور لهذا الحزب على غرار ما يجري الآن في شمال سوريا، حيث تزدهر علاقة الأميركيين بحلفاء الـ pkk من قوات سوريا الديمقراطية التي تحولت الى ذراع مسلح وضارب للتحالف الدولي في الحرب ضد داعش حتى في المناطق العربية مثل الرقة.
ويفضل المراقبون الأتراك إنهاء قضية الاستفتاء والإبقاء على نفوذ بارزاني في الحكم، رغم فقدانه الكثير من قوته، ففضلا عن المخاوف المتعلقة بحزب العمال، فأن تركيا لديها مصالح اقتصادية كبيرة في اقليم كُردستان.
ويقول كتاب ومحللون في وسائل إعلام تركية وأخرى دولية، أن الكُرد خسروا حلم الاستقلال جراء الاستفتاء، لكن ثمار الخسارة ذهب لمنافستهم إيران، حيث أظهرت طهران مهارتها من جديد في العراق دون أن تثير الكثير من الضجة، ودون الكثير من الكلام عبر الاتفاق مع تركيا والتركيز على الخلافات الداخلية الكُردية واللجوء إلى القوة بالجرعة المناسبة على يد الحكومة المركزية العراقية، وهناك مخاوف تركية من تنامي النفوذ الإيراني على حساب نفوذ أنقرة وهواجس من السياسة الإيرانية تجاه حزب العمال الكردستاني، لذلك يفضل الأتراك عدم غلق الباب بشكل نهائي مع أربيل.
ويبدو أن هذه الاعتبارات كانت حاضرة في حسابات الرئاسة التركية التي لم ترفض طلب نيجيرفان للقاء اردوغان وأبقته قيد الدراسة، معلنة إمكانية حصول اللقاء في الزمان والمكان المناسبين في اشارة الى انتظار تركيا إقدام أربيل على إنهاء قضية الاستفتاء.