نمضي ويبقى السراق..!
علي علي
لو أردنا سرد أحداث العام 2020 من باب الحدث الأهم ثم المهم، لكان الأمر يسيرا في بلدان العالم بتاريخها القديم والحديث على حد سواء. إذ تتراوح الأحداث عادة بين وفاة شخصية مؤثرة او استقالة غير متوقعة لرئيس او وزير، او نشوب حرب، او حدوث فيضان او كارثة طبيعية، وغيرها من المفاجآت التي تشكل حدثا مميزا في أيام السنة، وتبقى عالقة بذاكرة الجميع.أما في عراق 2020 فقد مر عليه من الأحداث مايفوق التصور ويتعدى حدود المفاجأة، حيث كان بعضها أغرب حتى من أحداث أفلام الـ ACTION في رعبها ودمويتها ولاإنسانيتها. فيما شابت بعض أحداثه مواقف مخزية يندى لها جبين الإنسانية، تحلى بها أبطال وساسة وقادة، لايمكن وصفها بكلمات اللوم والتوبيخ والعتب المعهودة.كما انطوى عام 2020 على أحداث أخرى كان لـ (ابو رغال) حضور بارز في حيثياتها، إذ برع أحفاده في تطبيق ماورثوه عنه، وتعاملوا مع الخيانة بطريقة الـ (UPDATE) فأضافوا اليها معانيَ وصورا جديدة. منها على سبيل المثال لا الحصر:– التعاون مع أعداء وأضداد سبق أن شهد لهم التاريخ بما يكنونه الى العراق والعراقيين من بغض وضغينة.. ومنها أيضا؛– الولوغ بالسرقات والبلوغ فيها حدا لايمت بصلة الى أي معنى من معاني الغيرة والشهامة المتوافر بعضها حتى عند قطاع الطرق. إذ يروى أن في أحد الأيام سطت مجموعة (حرامية) على بيت من بيوتات بغداد، وكان خاليا من أهله، وبعد أن وجه رئيسهم باقي الأفراد في أخذ ما خف حمله وغلا ثمنه، وأتموا عملهم (حسب الأصول) شرعوا برزم ماسرقوه استعدادا لترك الدار، وبينما هم في المطبخ رآى رئيسهم صحنا فيه مسحوق أبيض، وبدافع الفضول مد يده وأخذ (لطعة) منه، ليتبين له بعد ان تذوقه أنه “ملح الطعام”، فما كان منه إلا أن أمر أصحابه قائلا: (رجعوا المسروقات جميعها).. ففوجئوا بطلبه هذا وسألوه: (ليش عمي؟!) أجابهم: (صار بينا وبين أصحاب البيت زاد وملح)..!.فلو أردنا المقارنة والمقاربة بين مبدأ رئيس الـ (حرامية) هذا وبين سراق الـ (عراق الجديد) لرأينا العجب العجاب في طرق سرقتهم المال العام والخاص على حد سواء، والأمثلة على هذا لاتحصى في مقال او مقام مهما طال او عرض. فبدءًا من البطاقة التموينية ومفرداتها التي لايستقر بها قرار بين موظفي وزارة التجارة المسؤولين عنها، على الرغم من تغييرهم باستمرار بأوامر إدارية.. مرورا بالابتزازات المتفشية في موضوع التعيينات في مؤسسات البلد.. كذلك المشاريع الوهمية والمقاولات الفضائية التي لاتخلو منها المؤسسات التنفيذية على الأصعدة كافة وبالنشاطات جميعها.. وصولا الى السرقات التي طالت المساكين المغلوب على أمرهم.. ولن يقف تعدادنا للسرقات عند رقم معين ولاينتهي بآخرها وأكبرها، وهي موازنة البلد التي انزلقت في بطون أشخاص مع انزلاق أسرار الاستيلاء عليها وانعدام حلول ألغاز استحواذها.هذا غيض من فيض ماجرى في عام 2020 المترع بالفسادات بمراتبها، والسرقات بأصنافها على يد مسؤولين باختلاف مراكزهم ومناصبهم.. ومن الجدير بالذكر أنهم باقون معنا في عام 2021..