نزاعات عشائرية …. فرضيات الحلول
مازن صاحب
بعد ان اتفقت الأحزاب العراقية في مؤتمرات المعارضة على قبول الاحتلال الأمريكي، لم تفلح ذات الأحزاب في بلورة ديمومة التنمية المستدامة للعملية السياسية برمتها وانتهت الى حالة من الانغلاق السياسي الشعبوي وسط تزايد ظاهرة الاندماج بين النزاعات العشائرية وارتباطها بمواقف الأحزاب في الوسط والجنوب، السؤال الأبرز والاهم لمصلحة من تزداد فجوة السلم الأهلي بين القبائل والعشائر العراقية؟؟تحاول دراسة نشرها مركز كارينغي لدراسات الشرق الاوسط تحليل هذه الظاهرة خلال الأعوام القليلة الماضية، مشيرة الى ان حوادث العنف القبلي قد ازدادت مرتين في عام 2020 مقارنة بعام 2019، وكانت نسبة هذه الحوادث في المحافظات الجنوبية الثلاث البصرة وذي قار وميسان، لها في عام 2020 حصة 46% من مجموع حوادث العنف القبلي ثم ازدادت الى 70% في عام 2021 وتضاعفت خلالها نسبة مجموع ضحايا هذا العنف المتزايد.مع وافر الاحترام لكل عشائرنا العراقية الاصيلة، فان واقع الحال في تأشير مؤسسات بحثية دولية لهذه الظاهرة يؤثر اجمالا على دخول الاستثمار الدولي للعراق ويجعل كبريات الشركات العالمية تتعامل مع واقع العراق بكونه ((بيئة غير امنة للاستثمار)) بل ان بعض الدول نصحت رعاياها بعدم زيارة هذه المناطق.. فما أبرز الحلول التي يمكن يأتي بها الإباء المؤسسين لعملية السياسية ما بعد 2003؟؟
الإجابة على هذا السؤال قد تثير زوبعة في اوكار الجحوش الالكترونية لقوى الدولة العميقة التي حولت البعض من القبائل والعشائر العراقية الى مورد مهم في الصراع السياسي وتنفيذ اجنداتها الإقليمية والدولية، فكما كانت حواضن الإرهاب الداعشي مستقرة في مناطق معروفة من العراق، تبدو اليوم هذه المناطق تواجه مظاهر العنف المسلح لكن بمضمون ومفاهيم أخرى وبعناوين براقة، كأنها تعيد تجربة ما تعرضت له تلك المناطق من آثام جرائم داعش الإرهابي، ولكن بمسميات أخرى.تلك مسؤولية من أسس لهذا النموذج من الترابط غير القانوني بين موارد العشائر القتالية واهداف واجندات أحزاب معروفة منحت السلطة على الأرض من خلال مسميات حكومية لتمويل هذه القوى غير النظامية مفردات تطبيق قانون الحكومة العميقة والمراهنة على قدراتها البشرية في التعامل مع الخصوم السياسيين ، الامر الذي يجعل أي حكومة عاجزة كليا عن القيام (بصولة فرسان) جديدة تواجه نفوذ هذه القوى على الأرض ، وأول الحلول ان يتم الاتفاق خلال تشكيل الحكومة المقبلة على حرمان تلك الأحزاب من تمويل هذه المجموعات القتالية من المال السياسي العام أولا ، وإيجاد قاعدة قانونية لتفعيل قرار مجلس القضاء الأعلى باعتبار ( الدكة العشائرية ) جريمة إرهابية ، ولا اعتقد ان العهود والمواثيق العشائرية ستكون ملزمة لهذه الجماعات كما تفعل دائرة العشائر في وزارة الداخلية بين حين واخر في استحصال تواقيع الزعامات العشائرية على رفض المظاهر المسلحة، لان ثمة جهات سياسية نافذة تساندهم وهناك جحوش اليكترونية تؤيدهم بعناوين (الخط الأحمر او تاج الراس) ، ولابد من تخصيص فقرة واضحة وصريحة في برنامج الحكومة المقبلة يتطلب نزع سلاح هذه الجماعات بمشروع وطني يحظى بموافقة الجهات السياسية التي تقف وراء شيوع هذه الظاهرة، ويمكن لمستشارية الامن القومي ان تنهض بتطبيق برنامج نزع السلاح من خلال تحديد واقعي لأنواع السلاح المسموح بتواجدها لدى العشائر، وعلى خط مواز لابد من برنامج توعية اعلامي تطبقه شبكة الاعلام العراقي وهيئة الاتصالات والاعلام في تخطيط نوعي لتطبيق نزع السلاح من خلال مفردات تثقيف مقبولة ، وأيضا يمكن للمرجعيات المجتمعية والدينية ومنظمات المجتمع المدني العمل على التحشيد والمناصرة لسلامة التطبيق بلا معضلات فنية او ممانعة من الجهات التي تتضرر منه .كل هذا الكلام لا يدخل حيز النفيذ الفعلي من دون موافقة الجهات الساندة والممولة لهذه الظاهرة على الالتزام الصريح به بتعديل قانوني او بيان لمجلس النواب، او مواجهة القضاء العراقي باعتبار ما حصل وما يمكن ان يحصل يعد جريمة من جرائم الإرهاب بموجب القوانين العراقية النافذة، ويبقى من القول لله في خلقه شؤون!!