نحن أصحاب عوائل
نحن أصحاب عوائل – حيدر المحسن
روى لي الروائيّ الراحل سعد محمد رحيم عن أحد رجال مدينته “السعدية”، وكان يعمل موظفاً في دائرة التقاعد، وتأمل في أحد الأيام في شؤون الخلق، وقال: “نحن أصحاب عوائل، نعمل من الثامنة حتى الثانية ظهرا، نعود بعدها إلى البيت. نتغدّى مع العائلة، وننام القيلولة، ثم نأخذ طريقنا إلى المقهى. نلعب الدومينو ساعة، ساعتين، وفي أول المساء نقصد الحانة. كل يوم يخضرّ الحديث بيننا ونحن نرشف البيرة أو العرق، ثلاث زجاجات من الأولى، أو ربع لتر من الثاني. ندخّن. نتناقش في أمور السياسة والدين، ونبحث عن العلة والمعلول في كل ما يخطر في بال الجنّ والشياطين. ننزّه أنفسنا عن كل قبح، وفحش، وغير ذلك، وفي الأخير يعلو صوت أحدنا بالغناء. نعود بعدها إلى البيت، نتعشّى، ونخلد للنوم. يا إلهي: نحن لم نؤذ أحداً، وليس في نيّتنا فعل ذلك. لا نغشّ، ولا نسرق، ولا نزني… نحن الذين نمرّ من خرم الأبرة، وبنا يخيط الطبيب الجرح اللا شفاء منه. نحن أولادك الطيبون الذين تفتخر بهم يا إلهي في كل وقت. فلماذا تميتنا وتجعلنا نغيب في باطن الأرض، لتخلق قوما غيرنا لا تعرف عنهم شيئا، ولا تضمن أنهم سوف يكونون أصحاب عوائل، يعملون من الثامنة صباحا حتى الثانية ظهرا، ويعودون بعد نهاية الدوام إلى البيت، يتغدّون مع العائلة، وينامون القيلولة…إلخ إلخ؟