مَن يحق له تسمية الحزب؟
فاتح عبد السلام
الأحزاب الجديدة في العراق التي تتنافس بالمال والعشائريات لدخول مجالس المحافظات او لخوض الانتخابات البرلمانية العامة، هي كتل تحالفية بين اشخاص لديهم أموال بغض النظر عن مصادرها. هذا التوصيف الدقيق لحقيقة ما يجري، اما الظاهر للعيان رسميا فهي أحزاب وشعارات ومؤتمرات لها مسميات وعناوين.الأحزاب الناشئة في السنوات القليلة الاخيرة هي ليست أحزاباً تقوم على تنظيمات عقائدية قابلة للتطور والامتداد داخل البلد وخارجه كالأحزاب اليسارية والقومية والدينية التقليدية التي عرفها العراق عقودا وبعضها حكم في السلطة. لذلك يكون من التجني وصفها بالأحزاب، وكان الأفضل لأصحابها ومتعهديها ومقاوليها ان يكتفوا باسم التحالف أو الكتلة او التجمع، لأنه أكثر دقة في التعبير عن أوضاعهم الحالية. صحيح انّ هناك أحزاباً كبيرة حقيقية متغلغلة في كيانات هذه الأحزاب الناشئة وتوجهها كيف تشاء، إلا انّ هناك أحزاباً أخرى مرتبطة بجيوب اصحابها شخصيا، لا توجد عقيدة، أو برنامج، أو تنظيم، أو نظام داخلي. أو أفق للمستقبل، كما لا توجد قواعد وانتماءات.كان بعض العراقيين يظنون انّ تبني مطالب الناس المظلومة والمنكوبة والمسحوقة التي حولوها الى شعارات انتخابية براقة من الممكن أن ينتج عنها حزب المظلومين، لكن لا شيء تحقق من نتاج الانتخابات السابقة، سوى المزيد من الإحباط.لم يعد أحد قادراً على حفظ أسماء الأحزاب لكثرتها، ولم يعد هناك من دليل تعريفي بها سوى نسبتها الى صاحبها شخصيا، لأنّ الحزب في حقيقته هو شخص واحد يمسك بأعناق تابعيه المصفوفين كالدمى في قاعات أنيقة متشحين بأوشحة ملونة، صامتين صمت اهل القبور لا يتكلم منهم سوى من كلفوه بالنطق.حين يغيب صاحب أي حزب من هذه الجوقة، ينفرط عقد الحزب، لأنّ مكونات الحزب تعتاش على الدفع المسبق، وقد تنتقل المكونات الى قاعة مجاورة لتتوشح بألوان أخرى مع ضمان الدفع الجديد. لذلك يكون من احترام النفس ان يتخلوا عن تسمية الأحزاب لصالح تسمية الكتل والتجمعات والتحالفات، لكنهم لن يفعلوا ذلك لأنهم فرحون بما يلعبون به من ألعاب تتيحها أوضاع العراق الشاذة بعد عشرين سنة من مخاضات لم ينتج عنها كائن سليم.