مَن هو المهاجر وماذا نحتاج منه؟
فاتح عبدالسلامل
كل مهاجر في دول العالم قصة تستحق أن تكون درسا من تجارب الحياة، التي تنفع أبناء أوطاننا النازفة بالثروات البشرية، كما انها اضاءة مهمة لسكان الدول الغربية الأصليين الذي قد يتمسك بعضهم بمقولة ان المهاجرين عامل ضغط سلبي على المجتمعات.في بلد مثل العراق، لديه جاليات في مختلف دول العالم، نحتاج أن تجري معاينة تجارب الهجرة ودراستها وتسليط الضوء على التجربة الغنية وكيف يمكن أن نفيد منها بعد أن أثمرت عملاً وانجازاً وابداعاً في بلاد الغربة، أي علينا ان نعرف كيف نستعيد الخبرات التي غادرتنا او الخبرات التي تكونت في الخارج، وأصلها من ينبوع بلدنا.
نحتاج ان ينقل المهاجرون الأوائل قبل عقود خلاصة قناعاتهم في العمل والإنتاج والعلم والحياة بين ما كانوا عليه في بلدهم وبين ما أصبحوا فيه بعد سنوات، وهذا يجب الا يكون في إطار تشجيع الشباب على الهجرة وانما من باب تبصير الناس بأنّ هناك فرصا كبيرة في البلد فاتت على الجيل السابق، و يمكن ان تتحول الى حياة أخرى للشباب تغنيهم عن المخاطرة بحياتهم والسفر الى الغربة، لكن شرط أن يتوافر الأمن والحرية والسلم الاجتماعي، وماعدا ذلك يهون وممكنُ التحقيق بعد المثابرة.
في بريطانيا هناك فعالية سنوية للجاليات المهاجرة مستمرة منذ عشر سنوات تتمثل في متحف متنقل، يقول كلمة واحدة هي ان المهاجر انسان نافع للمجتمع الذي حلّ فيه وصاحب إنجازات، وليس عالة على أحد أو عائقاً امام السكان الأصليين.
والمتحف السنوي الذي يقام هذا العام في أحد مراكز التسوق في منطقة لويشام جنوب شرقي لندن، يعرض صوراً تاريخية ونصوصاً كتبها المهاجرون بأنفسهم لتوثيق حكاياتهم ونجاحاتهم بالإضافة إلى تسجيلات صوتية
. وتحدث ماثيو بلورايت، مسؤول العلاقات العامة في المتحف للاعلام، عن بعض قصص النجاح التي يعرضها المتحف لمهاجرين تركوا أثرا كبيراً، وقدموا إسهامات لبريطانيا بينهم مهاجرون منذ قرون أسسوا علامات تجارية شهيرة لا تزال موجودة حتى اليوم.تجربة الهجرة، لا ينبغي ان تظل منسية في البلاد البعيدة، ولا بد ان نفكر بطرق استثمارها لصالح تنمية البلد ونقله الى سكة النهضة.لكن الذي يؤسف له انّ هناك أعداداً كبيرة عاشت ودرست وعملت في الدول المتقدمة وحين عادت الى العراق انخرطت في مثالب الفساد والترهل والمحسوبيات وتبديد الثروات والإمكانات، ومعظم الأسباب ترجع الى ان التسييس كان وراء عودة تلك الاعداد، وانّ الخبرات الحقيقية لم ترجع بعد ، وانّ أحداً لم يرحب بها أو يفكر في استدعائها.