مَن قتلكَ أمُكَ أم زوجةُ أبيك؟
احلام اللامي
حول تداعيات الحكم الصادر بقضيّة مقتل الطفل موسى، نقيب المحامين العراقيين تكتبُ ما تلخّص لها عند حضور المحاكمة :كشاهدة عيانٍ في محاكمة قتلة الطفل (موسى)، بل قتلة العينين الجميلتين، وبراءة الأطفال، وألوان الفراشات وهي تحلق فوق زهور السنين الأولى من العمر.
عرفتُ خلال المحاكمة بأن القاتل الأول هو (الموت) الذي سلبَ روحَ جدته التي كانت تضمهُ إلى صدرِها، فالأم كانتْ مشغولةً عنه، والأب متزوج من أخرى غير أمه، فغادرتْ جدتُهُ الدنيا فقررَ الأبُ ضمهُ إلى زوجته، ولم تحركُ أمُهُ الموظفة ساكناً، ولم تطلبه لِحضانتِها، ولم تبادر إلى مشاهدته، فقد كانتْ تنتظر أن يؤتى بهِ إليها، ولم ترَ أبنَها منذ نهاية العام الفائت إلى أن رأتْ جثتَهُ بعد الفراق فكانتْ قاتلةً له بعد الموتِ، وزوجةُ الأب كانتْ الأداةُ التي استخدمها الشيطانُ لقتل الملائكة في بيتِها، والأبُ الذي فشلَ في الحفاظ على أسرتِهِ كان يبحثُ عن عذرٍ يبرر به الندم الذي يطرق جوانبَ روحَهُ، فيحاول إلقاء اللومَ على زوجته التي تعنف أبنَهُ، وكأنهُ يعيش خارج أسوار بيتهِ.
ولم ترَ القاتلةُ طريقاً غير اِتهام الطفل بأنه يتصرف بتصرفات أجبرتها على (تأديبه) مثلما تدّعي، فماتَ (موسى) ولم يستطع الحضور إلى محاكمة قتلته، ولم يجلس على منصة (المشتكي)، ولم يتكلم أبداً، ولم أسمع صوتاً له في محكمة أهل الأرض ولعله سيحاكم الطلاقَ الذي فرقَ بين أمِهِ وأبيه، وسيحاكم الأبَ وأمه ثانياً، وسيحاكم تلك التي ضربتهُ على رأسِهِ، ولكنها ادّعتْ بأنها طلبتْ من الأب إرساله إلى المستشفى فتكاسل عن ذلك، وبعد مرور أسبوع كامل من الإهمالِ جاء الموتُ ليأخذه إلى أحضان جدتهُ مرة أخرى.. لم أتمالك نفسي في المحكمة فوجدتُ نفسي ألعنُ القوانين التي كبلتْ يدَ القاضي عن محاكمة جميع هؤلاء وألعن المشرع الذين لم يشرع قانوناً يُجرم الأهمال ويضع حداً لسلطة من لا يستحق أن يتحكم بمصير الأطفال وألعن أمَهُ الحقيقية التي تركت هذا الطفل يبات في حضنٍ لا يرغب بوجوده فماتَ منتحراً وهو يرى اهتمام والده وزوجة أبيه بأطفالهم، فشعرَ كيتيمٍ يتمنى لمسةَ حنانٍ، فأتعبهُ الأملُ ثم نامَ وسط أحضان الموتِ في النهاية.