مَن المذنب؟ ومَن صاحب الحق؟
د. فاتح عبدالسلام
كلما تنشأ أزمة سياسية وخلافات بين اقطاب ومراكز قوى في العراق، تعقبها وساطات وتدخلات محلية وإقليمية للتهدئة. وهذا من حيث المبدأ السياسي مسار صحيح. لكن لا أحد يتوقف عند أسباب نشوء الازمات وكيفية إيجاد الحلول النهائية لها. لذلك لا توجد ضمانات اكيدة في عدم تكرار الازمة وبصيغ أكثر خطورة. ان الذي يجعل خاصية الازمات مستمرة ومتكررة هو عدم مواجهة استحقاقات كل أزمة والاستناد في حلها على معايير خارج الأساسيات الثابتة للدولة. في الأيام القليلة الأخيرة، كشفت الاحداث عن انّ أكبر الازمات الكامنة والظاهرة في آن واحد هي تلك التي تحدث بين طرفي الحكومة وبعض الفصائل في الحشد الشعبي. وفي معاينة سريعة نلحظ انها ليست الازمة الأولى، وسبقتها أزمات أخرى جرى التوافق المؤقت على حلها، كما انها لن تكون الازمة الأخيرة بحسب معطيات الوضع العام في البلد. ودائما هناك حلقة مفقودة في اية قراءة للحدث، يجري تأويل توصيفها بحسب مصالح أي طرف. العراقيون يريدون أن يعرفوا المسافة الواقعة بين الدولة والحشد، كما يريدون ان يفهموا معنى ان الحشد هو هيئة رسمية تحت سلطة القائد العام للقوات المسلحة، وهل ان العلاقة على صلة ببند الرواتب والتموين أم انها علاقة كاملة كما حال اية مؤسسة في الدولة حين تتصل برئيس الحكومة وقائد القوات المسلحة؟ وإذا كانت المسألة كما يجري توصيفها في انَّ كل شيء رسمي وداخل المؤسساتية الحكومية فلِمَ هذه الضجة؟ إن من حق الشعب الذي قد يكون واقعا من دون ارادته بين فكي الرحى ان يفهم ما ذا يجري، وهل ان القرارات التي قادت الى اعتقال قيادي في الحشد صحيحة ام انها تلفيق لأغراض سياسية كما يقول الطرف الآخر؟ ومن هو المذنب ومن عليه الاعتذار، وهل يكفي الاعتذار وماهي طبيعته في حال تحمل طرف المسؤولية؟ وهل كانت أزمة سياسية أم إجراءات قانونية؟ ترك الأمور على عواهنها يؤكد حقيقة ان كل ما تقوله جميع الأطراف ليس حقيقة!