من يعرف من تكون الكتلة الأكبر
هادي جلو مرعي
هنا لاتعبر الإنتخابات عن حالة من الإستقرار السياسي كما هو الحال في بلدان أخرى مستقرة، وتمارس لعبة السياسة بطريقة منظمة. الإنتخابات عندنا جزء من حالة الصراع، وهي واحدة من مراحله العديدة، ويمكن وصف الأوضاع ماإذا كانت سيئة، أو جيدة قبل الإنتخابات، وأثنائها، وبعدها. فهي ليست إنتقالة جيدة بالضرورة، وقد تصنع أجواءا من التوتر، والبحث المستمر في دوام مبررات الصراع وتحفيزها، وعدم التوقف، والرضا بالمقسوم، عدا عن المشاكل التي تعتريها في حال وجود تزوير، أو ضغوط، أوتلاعب، كبيرا كان، أم صغيرا، والمهم إنه ساهم في تأجيج المواجهات، وإحتدام النقاشات التي قد لاتصل الى نتيجة لأنها لم تجر من أجل الحل، بل لتأكيد موقف كل طرف، والثبات عليه. قبل الإنتخابات تشتد المواجهة، فالمتنافسون يتوجهون الى الشعب بخطابات تفوح منها رائحة الكذب، وهم يدركون إنهم يتحدثون الى مجموعات بشرية فقدت الأمل بحصول تغيير، فالمرشحون للإنتخابات يعرضون خدماتهم الآنية، ويفتشون في أخبية المواطنين عن حاجات يمكن تلبيتها لشراء ذممهم، ويتحولون الى عمال بلدية، ومنظفي مجاري، وعمال تصليح المحولات والأسلاك الكهربائية، ويتركون الدعاية لدورهم التشريعي المقبل الذي يفترض أن يقوموا به، ويؤدوه بصدق وشرف ومسؤولية، كما يتركون المجال لعمال البلدية، ولمسؤولي الخدمات ليقوموا بدورهم الفعلي، والتفرغ للأدوار الحقيقية لهم، لكن مشكلتهم أن المواطنين لايهتمون كثيرا لدور النائب لاحقا، ويركزون على دوره الخدمي بعد أن تخلت دوائر الخدمات عن مسؤولياتها. بعد الإنتخابات يظهر فائزون، يقابلهم خاسرون، ويبدأ التشكيك في النتائج، والدعوة الى التحقيق، وتظهر العيوب التي تعتري النظام الإنتخابي، وتكثر الطعون، ويبدأ كل فريق بتجهيز دفوعاته القانونية، ويقدم أدلته لإثبات دعواه، وأحقيته بالفوز، ولكن ذلك لايعني تجاهل شكل آخر من المعركة، فكما إن هناك من يفرح، وهناك من يحزن، فهناك من يتحضر للمفاوضات، وتعيين المفاوضين، ويشرع الفرقاء بتشكيل تحالفاتهم لإعلان الكتلة البرلمانية الأكبر التي تقع عليها مسؤولية إختيار رئيس الحكومة المقبل، ويدخل عامل الوقت ليضغط وفقا لتوقيتات دستورية، ثم تنتهك عاجلا بسبب طول مدة المفاوضات، واللامبالاة بالمدد الدستورية، وإحترام التوقيتات التي ينص عليها الدستور، وقد يلجأ الساسة الى القضاء لتحديد من له حق إختيار رئيس الوزراء وإعلان الحكومة خاصة وإن إنتخابات سابقة تسببت بجدل كبير حول الكتلة الأكبر، هل هي الفائزة بالإنتخابات، أم التي تتشكل داخل البرلمان من قوى متعددة، ويحق لها العمل على تشكيل الحكومة المقبلة. غالبا ماتشكل الخلافات السياسية عائقا أمام الإسراع بتشكيل الحكومة، فتتعطل حياة الناس الذين يدفعون الثمن غاليا، ويجدون صعوبة بالغة في تأمين حاجاتهم اليومية، خاصة مع الإعتماد الكبير على مؤسسات الدولة التي عليها توفير متطلبات عامة الناس، وتحمل تكاليف باهظة من خزينة الدولة التي تعتمد إيرادات نفطية، وتتجاهل طرق جمع الأموال، وتعزيز الدخل القومي.