من فم وزير الصحة
الكاتب : رافد جبوري
كان حديث وزير الصحة العراقي جعفر علاوي صريحا وصادما اثناء زيارته للسيد حسين اسماعيل الصدر في الكاظمية. فقد صرح علاوي بأن تصنيف القطاع الصحي العراقي عالميا هو متاخر جدا وبحسب تعبيره فهو قريب من الصومال. كان علاوي يتحدث عن ازمة فيروس كورونا ويطالب الصدر و الزعماء الدينيين الاخرين بالمساعدة في الحد من حركة الزيارات الدينية لما تتضمنه من عمليات تقارب هائل بين الناس من مناطق مختلفة مما يرفع احتمالات انتقال وانتشار الفيروس بصورة كبيرة. ومن المعروف طبعا ان الزيارات الدينية الشيعية في العراق زيارات مليونية وقد انطلقت احدى اهم تلك الزيارات فعلا وهي زيارة الامام الكاظم. وقد حذر الوزير العراقي بأن الامكانيات المتاحة له قليلة جدا وبأن وضعه صعب جدا اذ ان اي زيادة كبيرة في حجم المرضى قريبة مما حصل في ايران المجاورة ستؤدي الى وضع سيء جدا.
اتى حديث علاوي هذه المرة مناقضا للنبرة التي تحدث بها قبل ايام عندما تحدث عما وصفه بنجاح وزارته وبان تعامل العراق مع فيروس كورونا كان افضل من تعامل بريطانيا وفرنسا. قبل ذلك طبعا اشتهرت عبارته اصلخنا أشارة في خضم المؤتمر الصحفي الذي اعلن فيه عن موقف العراق الاول في مواجهة الفيروس وعن اجراءات خلية الازمة في التعامل معه. وقد استمع الجميع الى ما دار قبيل بدء المؤتمر من وصف للاجراءات بانها كلاوات وما الى ذلك من مهازل. نحن هنا ازاء مراحل عديدة متقلبة يمر بها الوزير علاوي وبالمناسبة فهو ليس وحيدا في ذلك فاكبر القادة في اكبر الدول تقلبوا في مواقفهم في مواجهة كورونا وعلى رأسهم الرئيس الاميركي دونالد ترامب الذي خفف من اهمية الفيروس في البداية ثم عاد ليصعد من اجراءات التعامل معه بصورة فيها الكثير من رد الفعل ومحاولة اللحاق بالرأي العام. لكن علاوي طبيب وقد اتى لمنصبه على اساس كونه مختصا. وهنا نؤشر انه منصب وزير الصحة هو منصب سياسي في الدول المتقدمة وليس منصبا تقنيا فوزير الصحة الاميركي الحالي مثلا اليكس ازار محام ووزير الصحة البريطاني مات هانكوك مختص في الاقتصاد. اما جعفر علاوي فهو تكنوقراط لذلك من المفترض انه يعرف تماما منذ البداية عم يتحدث حينما يأتي الامر للتعامل مع فيروس انتشر بصورة وبائية تحاول البشرية التعامل معه وفهمه. على اي حال فبعد مرحلة اصلخنا باشارة ومرحلة العراق افضل من بريطانيا وفرنسا وصل الوزير علاوي الى مرحلة الاعتراف بان العراق وقطاع الخدمات الصحية فيه هو اقرب في الحقيقة الى الصومال. والصومال كما هو معروف معذور لانه بلد فقير جدا وقد عاش بدون حكومة او بحكومة ضعيفة لا تسيطر سوى على جزء من اراضيه. لابد من الاقرار بأن العراق مر ايضا و على مدى سنوات طويلة بظروف امنية صعبة جدا لكن موارده الاقتصادية هي اكبر بكثير من الصومال ومن كثير من الدول الا انه لم يعرف بعد طريقا لمحاربة الفساد وسوء الادارة. وهنا نتذكر ان وزير الصحة السابق علاء العلوان قد استقال وهرب لعدم قدرته على مواجهة الفساد في وزارته.
مرحلة الاعتراف بالواقع هي افضل بكثير من مراحل الادعاء. سيواجه العراق هذه الازمة ويتجاوزها واتمنى ان لايتم ذلك بخسائر فادحة. لكن ازمة الفساد وسوء الادارة ستبقى مستمرة اذا لم تكن هناك ارادة وطنية شاملة لمواجهتها.