من المختار الى المحافظ
د. فاتح عبدالسلام
لا توجد سلطة لرئيس الحكومة العراقية على المحافظين من حيث قرار الإقالة مثلاً عند حدوث تقصير او خلل سببه المحافظ على نحو مباشر كقائد لوحدة إدارية كبيرة، فالأمر موكول الى مجالس المحافظات التي يغلب عليها دائما التوافقات والمساومات السياسية للكتل، لذلك لم يعد منصب المحافظ في مركز قوة كواجهة تنفيذية أساسية في المحافظة. إزاء هذا الحال، نتساءل كيف تجري محاسبة المحافظين ومراقبة مهماتهم، طوال أربع سنوات، إذ تبدو هذه الصفحة مطوية لا يجري فتحها ونشرها الا عند حدوث أزمات طارئة ومفاجئة، في حين يجري في مجلس النواب أو سواه، تسليط الأضواء الأكبر على الحقائب الوزارية التي طالما كانت فاعليتها اقل في ملامسة حياة المواطنين . وفي الوقت ذاته يبدو منصب القائمقام او مدير الناحية مهملاً على نحو كبير، كما تفكك دور المخاتير بشكل عميق، في الوقت الذي يحتاج البناء الهيكلي للدولة رصّ التسلسل الإداري الهرمي بطريقة وثيقة وآمنة عبر كل الحلقات، من أجل أن تكون الوحدات الإدارية في البلد ذات وضع رصين. هناك حاجة لإحياء مؤتمر نصف سنوي لرؤساء الوحدات الإدارية في كل محافظة، بالتنسيق مع ممثلي القطعات العسكرية والأمنية العاملة في المناطق مع مندوبين من الوزارات التي لها دوائر متعددة. وان تتم في هذه المؤتمرات مراجعة عملية ومواجهة للمشكلات مهما كان نوعها وحجمها، لمنع تفاقمها، وخروجها الى نطاق واسع في البلاد، لاسيما مع مشكلات الزراعية والثروات الحيوانية والمياه والمصانع والتأثيرات البيئية. لكن الأهم من ذلك كله، هو اختيار شخصية المحافظ قبل تعيينه، كي لا تتكرر الأخطاء الفادحة التي لا تزال شاخصة للعيان وملازمة لأوضاع مدن كبيرة.