من الترويج للمطعم الى هيفاء ونانسي
فاتح عبدالسلام
ثمة قانون أو عرف خفي ومعلن في آن واحد، يفيد بأنّ رواج السيء يوازي رواج الناجح وقد يتفوق عليه كثيراً بغض النظر على صلاحية استمر هذا او ذاك منهما. وحين جرى فتح الحملة الاستعراضية لملاحقة مواقع المحتوى الهابط في شبكة الانترنت، اكتشفنا أنَّ جميع أنواع الهبوط كانت في أعلى درجات الانتشار وربّما التأثير والتقليد من قبل آخرين. بل انّ الناجحين والمتفوقين وأصحاب المعلومات الحقيقية في علوم الطب والتاريخ والسياسة والدين وأيّ مجال اخر، بالكاد يبرز منهم عنوان أو عنوانان أمام كم هائل من عناوين الهبوط الرائج والابتذال التي لا يمكن مكافحتها مهما فعلت الأجهزة المختصة لأنها نتاج مجتمع يتخلل الهبوط والضحالة في مفاصله المهمة من دون رقابة او بتوجيه من جهات لا يهمها سلامة المجتمع وانّما تحقيق المكاسب.هناك محتويات تشيع بسرعة البرق، يقف الرقيب أمامها حائراً، متسائلاً: أهي هابطة أم عادية أم نافعة؟ اذ قبل ساعات شاع اعلان لمطعم تركي معروف عالميا افتتح فرعاً له في بغداد، وسر رواج الإعلان بين تطبيقات الاتصال للعراقيين انَّ “بطل” الإعلان هو وزير في الحكومة. وتساءل الناس هل سيروج المطعم بوصفه نال دعاية جيدة أم دعاية سيئة، فالفرق بين الاثنين على قانون الانتشار ضئيل للغاية.التكهنات اشتعلت في مواقع التواصل الاجتماعي ورسائل الناس، وذهبت الى انَّ المطعم قد يكون من استثمارات سياسية رائجة في البلد، وآخرون ربطوا بين دعاية يقدمها وزير” إطاري” موال لإيران لمطعم تركي كان الأجدر أن يضطلع بهذه المهمة وزير من صفحة تركيا. أين مسؤولية الحكومة اذا كان الزبائن غير راضين عن الشوربة او ورق العنب أو باباغنوج، وماذا سيكون الموقف اذا حدثت حالة تسمم غذائي بالصدفة أو من خلال أحد المندسين، العاطلين عن العمل الان كون التظاهرات متوقفة؟ أسئلة قد تراها غرائبية وخيالية وافتراضية، لكنّها في المشهد العراقي السياسي واقعية جداً، بل وعادية، ولا تلفت انتباه أحد.مَن سيقوم بالترويج لحفلات هيفاء وهبي ونانسي عجرم وأليسا في قابل الأيام؟ هذا سؤال لا يحتاج الى تكهنات كثيرة لأنَّ معظم العراقيين متفقون على أسماء محددة ستتصدى لهذا الدور بكل تفانٍ وإخلاص.