من أجل امتصاص نسبة البطالة العالية : ضرورة إعادة الحياة للمصانع و المعامل
بقلم مهدي قاسم
من المعروف أنه بعد سقوط النظام السابق تعرضت عشرات آلاف من معامل و مصانع و شركات إلى عمليات تخريب و تعطيل وبعضها الآخر إلى بيعها ك” خردوات ” وذلك تمشيا مع غاية و خطة الاحتلال التي كانت رامية لتدمير البنية التحتية للدولة العراقية و جعلها مجرد دولة شكلية على كارتونية و لكي تعتمد أسواقها المحلية في احتياجاتها الاستهلاكية إلى البضائع والسلع الأجنبية حصريا ، مع العلم أن هذه المصانع والمعامل والشركات كانت ذات فعالية إنتاجية وبنوعية لا بأس بها ، تجري عملية تسويقها وبيعها أو شرائها في السوق العراقي من قبل المستهلك المحلي كنوع من اكتفاء ذاتي يغطي عددا كبيرا من سلع وبضائع استهلاكية ضرورية للمواطن العراقي فضلا عن توفير العملة الصعبة ..ولكن الأهم من كل هذا هو إن تلك المعامل و الشركات كانت تشغّل عشرات آلاف من أيدي عاملة عراقية تعمل لتعيل أفراد عائلتها ، دون إن تشكّل عالة على الدولة أو عوامل ضغوط سياسية أو اجتماعية على الحكومة، وضمن هذا السياق فقد سبق لي ولغيري أن كتبنا في غضون السنوات الماضية مقالات عديدة مطالبين بإعادة الحياة إلى بعض تلك المعامل و المصانع مع تحديثها و تطويرها بتقنيات متقدمة لتنتج بضائع وسلع استهلاكية بمواصفات ونوعية جيدة تكون مرغوبة في السوق المحلي وفي الوقت نفسه تكون منافسة لبضائع دول الجوار و البعاد على حد سواء ، و ليس هذا فقط إنما في حالة إعادة الحياة إلى هذه المعامل والمصانع فسوف تجري عملية تشغيل آلاف من العاطلين عن العمل من ذوي التحصيل المتدني بل و حتى ذوي التحصيل العالي من مهندسين مدنيين وزراعيين ـ وكذلك خريجي الفروع المالية والاقتصادية الأخرى ، هذا بالإضافة إلى تقديم قروض استثمارية للعاطلين عن العمل لمن يريد تجريب حظه ومهارته في مجال الاستثمارات والازدهار المالي ..نقول كل هذا لأن سياسة التوظيفات والتعيينات الحكومية ـ على قلتها ــ قد أثبتت عقمها وعجزها في المساهمة قي التنمية والازدهار الاقتصاديين ، بقدر ما تحولت إلى وسيلة تضخم للبطالة المقنعّة الخانقة للنمو الاقتصادي في البلاد ..يبقى أن أضيف إلى أن هذه السطور قد خطرت على بالي عندما قرأت خبرا يفيد عن افتتاح معمل لصنع ثلاجات ومجمدات وعارضات عمودية وأفقية في شركة الصناعات الخفيفة والتعدين ضمن قطاع صناعي مختلط ، وهو الأمر الذي يعني تشغيل مئات من العاطلين عن العمل ..كما سبق أن قلنا فيما مضى و الآن أيضا أنه :ـــ بدون استثمارات محلية و أجنبية لا يمكن تخفيض نسبة البطالة الضخمة إلى أقل نسبة ممكنة ، طبعا نقصد بذلك الاستثمارات الجدية والنزيهة وليست الشكلية أو الوهمية للصوصية والمضاربات ، كما الحال منذ سقوط النظام السابق وحتى الآن ..