مع إشارات نهاية الحرب التجارية.. هل تستسلم أميركا للصين؟
الاولى نيوز / بغداد
بدأ الأمر يبدو وكأن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سوف يستسلم إلى الصينيين في نزاع واشنطن التجاري مع بكين.
وهددت الولايات المتحدة بزيادة التعريفات على الواردات من الصين من 10% إلى 25% في 2 مارس المقبل ما لم يتم التوصل إلى اتفاق تجاري، لكنها بدأت مؤخراً في التراجع عن هذا الموقف، بحسب تقرير نشرته “بروجيكيت سينديكيت” لأستاذ الاقتصاد بجامعة هارفرد “مارتن فلدستين”.
وذكر ترامب مؤخراً أن هناك مرونة بشأن هذا الموعد ومن المرجح أن يتم إرجاؤه بسبب التقدم الذي يُجرى إحرازه في المحادثات الثنائية المستمرة. (يذكر أن الرئيس الأمريكي أعلن في تغريدة عبر تويتر تأجيل الموعد بالفعل).
لكن الواقع يظهر أن التقدم في المحادثات هو أمر يختلف تقييمه من شخص لأخر، والمشكلة الأكثر أهمية والتي يجب حلها ليست العجز التجاري الثنائي الهائل للولايات المتحدة مع الصين بل تتمثل في قيام الصينين بسرقة تكنولوجيا الشركات الأمريكية واستخدامها لمساعدة نظيرتها الصينية للتنافس مع تلك الشركات نفسها في الصين وفي جميع أنحاء العالم.
ويقوم الصينين بفعل ذلك من خلال طريقتين؛ الأولى: أن السلطات الصينية تتطلب من الشركات الأمريكية التي ترغب في تنفيذ أعمال داخل الصين أن يكون لديها شريك صيني وأن تقوم بمشاركة هذه التكنولوجيا مع تلك الشركة.
ويُعد هذا الإجراء الإلزامي إزاء مشاركة التكنولوجيا أمراً ممنوعاً صراحة بمقتضى قواعد منظمة التجارة العالمية.
ومنذ انضمامها إلى منظمة التجارة العالمية في عام 2001، تجاهل الصينيون هذه القاعدة فضلاً عن زعمهم بأن الشركات الأمريكية وافقت طواعية على مشاركة التكنولوجيا الخاصة بهم لرغبتهم في أن يكونوا ناشطين في الصين.
أما الطريقة الثانية، تتمثل في أن الصينين يستخدمون الإنترنت من أجل الدخول لأنظمة الكمبيوتر بالشركات الأمريكية وسرقة التكنولوجيا والمخططات.
وكان الرئيس الصيني شي جين بينج اتفق مع الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما في عام 2015 على أن حكومته ستتوقف عن القيام بذلك، ولكن بعد التراجع عن هذا الإجراء لفترة مؤقتة تم استئناف مثل هذه السرقة السيبرانية، ربما لأن الشركات المملوكة للدولة وغيرها لديهم القدرة على الوصول إلى أنظمة الكمبيوتر بالشركات الأمريكية.
وعلى الرغم من حديث ترامب المتفاءل بشأن إحراز تقدماً في المحادثات، فإنه لا يوجد أيّ تلميح بأن الصينيين سيوافقون على وقف سرقة التكنولوجيا.
وبدلاً من ذلك، فإن كبير المفاوضين الصينيين، نائب رئيس الوزراء “ليو هي” أكد أن الصين ستقلص الفائض التجاري الثنائي الكبير عبر شراء فول الصويا الأمريكي والغاز الطبيعي.
ومن شأن خفض حاد في عجز الميزان التجاري الأمريكي مع الصين أن يمكّن ترامب من زعم تحقيق الانتصار إلى جانب منحه شيئاً ما للاحتفال به عندما يقوم شي بزيارته في فلوريدا خلال الأشهر القليلة المقبلة.
وبالفعل هناك حق للتفاخر بشأن حدوث خفض كبير في عجز الميزان التجاري مع الصين والذي بات عاماً بعد عام أكبر عجز تجاري ثنائي للولايات المتحدة.
وفي عام 2017، بلغ العجز التجاري الأمريكي مع الصين 375 مليار دولار أو نحو ثلثي إجمالي العجز الأمريكي، وبالتالي فإن الصينيين أذكياء لتقديم عرض من أجل شراء سلع أمريكية كافية لخفض هذا الاختلال الواضح للغاية.
لكن في حين أن من شأن ذلك أن يخفض عجز التجارة الثنائي مع الصين، فإنه قد يكون منعدم التأثير في حد ذاته على إجمالي العجز التجاري الأمريكي.
وكما هو معروف بالنسبة لكل طلاب الاقتصاد، فإن العجز التجاري يعكس حقيقة أن دولة ما اختارت أن تستهلك أكثر من أن تنتج، وطالما أن الدولة تستهلك أكثر مما تتنج فإنها يجب أن تستورد الفرق من بقية أنحاء العالم.
وإذا قام الصينيون بالفعل بشراء كميات كافية لتقليل العجز التجاري الثنائي، فإن الولايات المتحدة قد ينتهي بها الأمر وهي تستورد أكثر من دول أخرى أو تصدر أقل لدول أخرى.
ولن ينخفض إجمالي العجز التجاري الأمريكي ما لم تقم الولايات المتحدة بتقليص إجمالي الطلب عبر زيادة الإدخار.
ويعتبر ذلك بمثابة أمر متعلق بصناع السياسة الأمريكيين وليس وضع يمكن أن يقوم به الصينيين للولايات المتحدة.
وكان وزير الخزانة الأمريكي ستيفين مونشين أكد عرض صيني آخر غير ذي صلة إلى حد كبير: وعد بمنع حدوث خفض في قيمة عملة الرينمنبي الصينية أمام الدولار الأمريكي.
وفي حين أنه من شأن الرينمينبي القوي جعل السلع الصينية أقل جاذبية بالنسبة للمشتريين الأمريكيين وبالتبعية تقليص العجز التجاري الثنائي، لكنه لن يقلل الاختلال التجاري العالمي للولايات المتحدة.
وعلاوة على ذلك، فإنه على الرغم من أن سعر صرف الرينمينبي – الدولار يختلف من عام إلى آخر لكن الاختلافات كانت صغيرة.
وفي الوقت الحالي، يشتري الدولار 6.7 يوان صيني، في حين أنه قبل عام مضى كان سعر الدولار 6.3 يوان وقبل عامين كان يبلغ 6.9 يوان.
وقبل عقد من الزمن، وتحديداً في فبراير 2009، كان الدولار يعادل 6.8 يوان.
وباختصار، لا يوجد شيء للاحتفال به إذا وافق الصينيون على تثبيت قيمة عملتهم المحلية أمام الدولار.
وبالتالي فإن القضية الرئيسية تتمثل في سرقة التكنولوجيا، فبدون موافقة الصينيون على وقف سرقة التكنولوجيا وابتكار الجانبين طريقة تتهدف لتنفيذ هذا الاتفاق، فإن الولايات المتحدة لن تحقق أيّ استفادة من تعريفات ترامب.انتهى