معهد واشطن: الغاز في العراق فريداً من نوعه..والغاز الايراني لا يلبي الطلب
نشر معهد واشنطن للدراسات والابحاث المتعلقة بالأوضاع في الشرق الاوسط، تقريراً تحدث فيه عن حرق العراق لموارد ضخمة من الغاز واعتماده على البلدان المجاورة لتلبية احتياجاته من الطاقة.
وفي 12 يناير، عقد معهد واشنطن منتدى سياسيا افتراضيا مع ماثيو زايس وبَروژ عزيز وروب والر، فزايس هو النائب الأول لمساعد “مكتب الشؤون الدولية” في وزارة الطاقة الأميركية، وعزيز هو مستشار أقدم لوزير الموارد الطبيعية في حكومة “إقليم كردستان”، ووالر هو القنصل العام الأميركي في أربيل، وكبير الدبلوماسيين الأميركيين لدى “إقليم كردستان”
ونشر المعهد ملخصاً لملاحظاتهم، جاء اولها ما كتبه ’’ماثيو زايس’’، قائلاً: “يُعتبر وضع الغاز في العراق فريداً من نوعه، فعلى الرغم من امتلاك البلاد موارد ضخمة من الغاز الطبيعي، فإنها تحرق كميات كبيرة من هذه الإمدادات المحتملة، وبالتالي تبقى معتمدة على البلدان المجاورة لتلبية احتياجاتها من الطاقة، وستكون موارد الغاز الكامنة في إقليم كردستان العراق أساسية لإيجاد حل لهذا التحدي الماثل”.
وتابع: “إن مشاكل الغاز في إقليم كردستان العراق ليست مجرد جانب آخر من جوانب السياسة الأميركية تجاه إيران، وسيسمح تطوير هذا القطاع للعراق بإنتاج كميات أكبر من الطاقة للاستهلاك المحلي والتصدير إلى تركيا والدول المجاورة الأخرى، كما سيسمح بتكامل اقتصادي أكبر داخل الإقليم ومع العراق الاتحادي، مما يخلق فوائد للبلد بأكمله، وتدرك الولايات المتحدة أهمية التعاون في مجال الطاقة مع إقليم كردستان العراق، كما أوضحت مؤسسة تمويل التنمية الدولية من خلال دعمها لشركات النفط والغاز الأميركية العاملة في مشاريع في الإقليم”.
واشار الى ان “أي جهود لتطوير قطاع الغاز بشكل أكبر في إقليم كردستان العراق ستواجه العديد من التحديات، وتشمل العقبات السياسية ندرة التعاون بين شركات النفط الدولية ووزارة الموارد الطبيعية في إقليم كردستان، وستتطلب وفرة الغاز الكبريتي في المنطقة استثمارات إضافية وخبرة فنية، فمن وجهة نظر تجارية، يعتبر عدم تحديد سعر مرجعي للغاز مشكلة أساسية، ورغم هذه الحواجز، لدى إقليم كردستان العراق القدرة على إنتاج 40 مليار متر مكعب من الغاز سنوياً بحلول عام 2035، مقارنة بالمستوى الحالي البالغ 5 مليار متر مكعب سنوياً، ويمكن تحقيق هذه الرؤية من خلال عملية تدريجية بدلاً من نهج يركز فقط على المشاريع الكبيرة”.
ولفت الى ان “التعاون في مجال الغاز الطبيعي وإنتاج الكهرباء إلى سيمكن من التقريب بين حكومة إقليم كردستان والحكومة الاتحادية العراقية، وقد تساهم إمكانات الطاقة التي يتمتع بها الإقليم في تخفيف التوترات التي تحيط بمناقشات الميزانية السنوية، ومن شأن معالجة هذا الخلاف تحسين مناخ الأعمال في الإقليم من خلال منح شركات النفط الدولية قدراً أكبر من الضمانات بشأن التدفقات المالية”.
ومضى بالقول ان “تصدير الكهرباء المولّدة من الغاز- يجري اساساً من نقل الغاز عبر الكابلات- من إقليم كردستان العراق إلى العراق الاتحادي وهذه الصادرات أكثر قابلية للتطبيق من الحلول الأخرى المقترحة لمشاكل الكهرباء في البلاد (على سبيل المثال، الربط مع شبكات الكهرباء في دول مجلس التعاون الخليجي أو الأردن)، ومن المرجح أن ينطلق في النهاية خط لنقل الغاز يصل إلى تركيا عبر الأنابيب من دهوك، لكن ذلك لن يمنع صادرات الغاز عبر الكابلات قبل الوصول إلى هذه النقطة”.
ويقول ان “إيران تحاول باستمرار وضع حد لتنمية الطاقة في العراق من خلال نفوذها السياسي، لأنها تريد أن يبقى العراق معتمداً على وارداتها من الطاقة والكهرباء، كما تتلاعب طهران بإمداداتها من الطاقة لأغراض سياسية، ويجب على السياسيين العراقيين إيجاد طريقة للتغلب على هذا التحدي”.
واستطرد بالقول “كما ويُعتبر تسعير الغاز قضية مهمة في السوق غير المتطورة نسبياً في إقليم كردستان العراق، فإطار التسعير يجب أن يؤمن للمستثمرين والسلطات الكردية عائدات مناسبة ويجذب المستهلكين في الوقت نفسه لاستخدام الغاز الطبيعي، وهناك نوعان من المعايير المرجعية التي تستحق الدراسة عن كثب: السوق التركية الشديدة التنافسية، والتي لديها العديد من مصادر الإمدادات المستوردة بالإضافة إلى اكتشاف غاز محلي حديث؛ والسوق المحلي العراقي الذي يعتمد في الغالب على النفط إلى جانب واردات الغاز الإيرانية وكمية صغيرة من الغاز المحلي. بالإضافة إلى ذلك، سيتأثر التسعير بكمية كبريتيد الهيدروجين المرتفعة في الغاز الكردي، الأمر الذي يتطلب معالجة مكلفة عند الاستخراج، كما أنه من الضروري إجراء إصلاحات في قطاع الكهرباء التي تتناول مسألة الدعم- لا سيما تلك التي تشجع استهلاك النفط- من أجل وضع سعر سوق عادل”.
ويمتلك إقليم كردستان العراق موارد كافية من الغاز للتصدير إلى العراق الاتحادي وتركيا مع استمرار تلبية الطلب المحلي، ومن المحتمل أن تبدأ الصادرات على نطاق محدود عبر البنية التحتية الحالية لخطوط الأنابيب، وإذا تطور القطاع بسرعة، فيجب أن يتمكن من المنافسة على الفوز بعقود الإمدادات التركية التي تصبح متاحة مع انتهاء صفقة الغاز بين أنقرة وإيران في عام 2026. هذا وإن السوق العراقية الاتحادية هي أقل تنافسية لأن واردات الغاز الإيرانية الحالية لا تلبي الطلب، لذا يجب أن يكون «إقليم كردستان العراق» قادراً على زيادة العرض لبقية أنحاء البلاد كلما طوّر القدرات اللازمة.
أما بَروژ عزيز فكتب وفقاً للمعهد، قائلاً: “يعاني كردستان العراق نقصاً في الطاقة الكهربائية، فالعديد من توربينات محطات الكهرباء معطلة بسبب عدم توافر الوقود، وهذا النقص في الكهرباء يعوق تطوير الأعمال في الإقليم، كما أن استخدام مولدات الكهرباء العاملة بالديزل في المنازل للتعويض عن انقطاع الكهرباء يلحق ضرراً كبيراً بالبيئة والصحة العامة، وهذه التحديات ليست ناجمة عن عدم وجود قدرة كافية لتوليد الكهرباء، لأن الإقليم يتمتع بقدرة كافية للمشاركة فيها مع سائر مناطق العراق، وقد يساعد تطوير قطاع الغاز في كردستان العراق في معالجة هذه المشاكل مع توفير فرص عمل لسكان الإقليم”.
واكمل “ويُعتبر استثمار الغاز اتفاقاً طويل الأمد بحد ذاته، مما يزيد أهمية بيئة أعمال متوقعة، وتتسبب الخلافات حول الميزانية السنوية بضبابية كبيرة تقوّض قطاع الغاز في كردستان العراق؛ ويمكن للتعاون في قضايا الغاز مع الولايات المتحدة أن يساعد الدعم في بناء الثقة والتخفيف من حدة هذه المشكلة”.
وتابع “ويتعين على القطاع أيضاً إيجاد حل للمحتوى العالي من الكبريت في غاز الإقليم، وهو تحد أعاق الاستثمارات في قطاع نقل الغاز، وكانت التوترات السياسية العراقية، وخطر تنظيم الدولة الإسلامية، والوباء المستمر لكوفيد 19 بمثابة عوائق أيضاً”.
واضاف “وقد تحمل تجربة النفط في كردستان العراق مؤشرات على مستقبل قطاع الغاز، فالإقليم لم يكن يملك في البداية الخبرة أو الموارد المالية اللازمة لتطوير قطاع النفط، لكنه تمكن من استقطاب شركات نفط دولية أمنت هذين العنصرين، وتمتلك وزارة الموارد الطبيعية الخبرة والقيادة اللازمتين لتطبيق الأساليب نفسها تجاه تطوير موارد الغاز”.
من جانبه، يرى روب والر، إن “الإمدادات الهائلة التي يختزنها إقليم كردستان العراق من احتياطات الموارد الهيدروكربونية ورأس المال البشري الكبير الذي يضمه يجعلان منه مكاناً جذاباً للاستثمار، وستواصل وزارة الخارجية الأميركية دعم الشركات الأميركية التي تتطلع إلى الدخول إلى الإقليم أو توسيع وجودها فيه، ومن أجل استقطاب الاستثمارات الأجنبية، على إقليم كردستان العراق أن يخلق بيئة أعمال تنافسية أكثر شفافية، وفي هذا الإطار تسلّط دراسة أجريت مؤخرا برعاية وزارة الطاقة الأميركية الضوء على المجالات التي يمكن لحكومة إقليم كردستان إجراء تحسينات فيها تساعد في الاستفادة من إمكاناتها الاقتصادية الكاملة”.
وتشير الدراسة أيضاً إلى “المجالات التي يمكن أن يتعاون فيها إقليم كردستان العراق وحكومة العراق الاتحادية، ومن بين هذه المجالات نذكر على وجه الخصوص تحديث قطاع الكهرباء، الذي يجب أن يحدث جنباً إلى جنب مع تطوير قطاع الغاز، على سبيل المثال، إن تحويل محطات توليد الطاقة التي تعمل بالديزل إلى الغاز الطبيعي سيسمح بتوليد طاقة أكبر بتكلفة أقل”.
يُذكر أن شركة تمويل التنمية الدولية كانت تمول توسيع مشروع غاز خور مور، وهي خطوة أولية مهمة في تعزيز تعاون أكبر في مجال الطاقة بين الولايات المتحدة و»إقليم كردستان العراق»، وأدى نجاح هذا المسعى إلى زيادة الاهتمام بالمشاركة الأميركية المستقبلية في مشاريع البنية التحتية للطاقة الرئيسة.
وتلتزم الحكومة الأميركية أيضاً بسدّ فجوة الثقة بين حكومة إقليم كردستان وحكومة العراق الاتحادية، وسيساعد التعاون في قطاع الطاقة بينهما على بناء الثقة التي يمكن أن تؤدي إلى إبرام اتفاق أكثر إنصافاً لتقاسم العائدات، ويعتبر التعاون السياسي بين الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني» من أولويات السياسة الأميركية لتطوير الغاز، كما أن الولايات المتحدة متفائلة على الرغم من التوترات المتزايدة في إقليم كردستان العراق، لأن الاحتجاجات الأخيرة قد تدفع كلا الحزبين إلى الإقرار بأن التعاون يؤدي إلى الازدهار.