مصير مشروع الإصلاح بعد الانسحاب
فاتح عبدالسلام
هناك سباق مع الزمن من اجل حسم الوضع السياسي العراقي قبل ان تنتهي زيارة الأربعين، ومن ثمّ تنفتح خيارات أخرى لاسيما امام القوى المدنية لثوار تشرين في العودة الكبرى لتظاهرات واعتصامات هددوا بها في تظاهرات الجمعة.
الجديد المتوقع هو انّ أطرافاً من قواعد التيار الصدري قد ينضمون للتظاهرات الموعودة في بغداد او جنوب العراق، فيما قد يبقى التيار في واجهته الرسمية بعيداً عن الاحداث بسبب اعتزال زعيم التيار السياسة.
الشارع يتساءل بإلحاح، هل توجد وسائل غير معروفة للتيار الصدري في المضي في مشروعه ضد الفاسدين ولمواجهة التبعية للخارج، بعد ان جرى القرار بإلغاء جميع مظاهر الاحتجاج والاعتصام السلمية فضلا عن العنيفة وقبلها الانسحاب من العملية السياسية؟ ثمّة مَن يرى انّ هناك دوراً تكميلياً لثوار تشرين في المضي بنفس المطالب من دون ان يكون التيار الصدري في الواجهة، على أمل ان يضمن الثوار من اجل الإصلاح حيادية التيار وعدم كبح جماحهم كما حصل قبل سنتين في الناصرية والنجف مثلاً.
في كل الأحوال هناك، تخبط سياسي في القوى الأخرى التي لم ترتق الى مستوى الازمة، وقد جرى مجاملتها كثيرا في انها ضد العنف والتزمت ضبط النفس، في حين انها لم تؤد دوراً سياسياً استباقياً لمنع التداعيات المؤسفة بسبب التخندق ورفض تقديم تنازلات نسبية في بداية الازمة، وربما بات متعذراً بعد انفجار الازمة العودة للتعاطي مع محدودية التنازلات. أطراف العملية السياسية التقليديون مشلولون، ومجلس النواب لم يمارس دور احتواء الازمة، وبات همّه فقط انعقاد او لا انعقاد جلسات انتخاب رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة الجديدين، ولم تصل منه رسائل تطمين في جلسة طوارئ في ساعات اشتعال النار، التي لولا الاقدار لكانت توسعت وأحرقت مَن يظن انَّ قلاعه عالية لا يصلها اللهب.بقي الأمل الوحيد في المبادرة الكردية التي ستكون في رحاب زيارة رئيس إقليم كردستان الى بغداد والنجف معاً، وهذه المبادرة تحتاج مساعدين شجعان من أطراف سياسية على صلة بالأزمة الأخيرة لكي ينقلوا المزاج العام من الاحتدام والصراع الى انفتاح على طروحات سياسية جديدة لم يجرِ تداولها من قبل بشكل رسمي. برغم ذلك الامل، ليست الفرصة في النجاح السريع كبيرة، لكن ماذا بات في ايدي العراقيين سوى الأمل؟