مصير جثث الرؤساء القمعيين؟!
فراس الغضبان الحمداني
أعيش التعاسة وأتقلب فيها وأشعر باليأس والإحباط وتحاصرني الكآبة عندما أتذكر مصير الشباب الورود الذين قتلوا في ثورتهم البيضاء ، وبالتالي فأنا أمر بتجربة مرة وإستثنائية منذ أن فقدت مقومات الحياة السعيدة بفقد عدد من الذين صنعوا وجودي وأخذوه معهم عندما غادروا الدنيا أو هكذا أظن ، ولكنني أتساءل أحيانا وكلما رأيت مشاهد من تجارب الناس العاديين وغير العاديين في الداخل وفي الخارج وسواء كانوا مواطنين عاديين أو زعماء دول أو كبار القوم في هذا المكان أو ذاك من أماكن ومواضع الدنيا .نحن نعيش تجاربنا الخاصة ونعيش على وقعها ونتأثر بها ونبني تصوراتنا ومواقفنا التالية عليها ونتأذى كثيرا من فرط إهتمامنا بالذكريات القاتلة التي لا نجد بديلا عنها لأنها الوسيلة الوحيدة التي نظنها مفيدة لنا ويمكن أن تعيد لنا حالة المقاومة لمواجهة الكثير من التحديات والمتاعب التي تصطف بالدور لتتعبنا وتستمر في محاصرتنا وتحولنا إلى أشخاص مجردين من الرغبة في الأمل لأننا أسرى الألم وفرق كبير بين الأمل والألم ، فهما يتسابقان معا ولكنهما لا يغلب بعضهما بعضا إلا نادرا ثم يعودان ليتفقا ويجريا معاً مثل صديقين يتسامران ويضحكان .
أعيش حياتي وأتناول إفطاري وأذهب إلى العمل وألتقي الأصدقاء وأتسامر معهم في مكان عملي وفي المقهى و الشارع والسوق والمنتزه وفي الندوات والمؤتمرات وفي الجلسات الخاصة وأسافر وأنام كما أشتهي وأتلذذ بأشياء لا تعد ولا توصف وكثيرون من البشر محرومون من هذا لأسباب تختلف كثيرا لكنها تلتقي في صناعة الأثر ، وكم كنت مثل غيري أحسد الحكام وأصحاب الجاه والثراء وأتمنى أن أعيش حياتهم ولكني أغفل عن تذكر النهايات التي تصيب هؤلاء وكثير منها سيئة ومضحكة ومهينة ومذلة ومثيرة للخوف والرعب ولو عرضت نهاية كل واحد من هؤلاء لنا قبل أن تعرض لنا بداياتهم في الثراء والسلطة لكنا هربنا منهم ولم نتمنى أن نكون مكانهم على الإطلاق .
في الماضي القريب كانت صورة علي عبدالله صالح الرئيس اليمني المقتول على يد مسلحي الحوثي مماثلة لصورة صدام حسين وهو مرمي قرب مكان إعدامه ومقاربة لصورة معمر القذافي قتيلا وصورة الرئيس التونسي زيد العابدين بن علي وكيف هرب من بلاده إلى السعودية ومات هناك وقريبة من صورة حسني مبارك وهو يحاكم على سرير المرض وبعدها غادر الحياة ، وبصور حكام طغاة مارقين في أفريقيا وآسيا ، وبعضهم الجنرال سلوبودان القائد الكرواتي وكيف تجرع السم في قاعة المحكمة وهو يسمع الإتهامات الموجهة اليه بقضايا القتل وكيف تم تسليمه للمحكمة الدولية في لاهاي . وصورة الرئيس السوداني عمر البشير وهو يقبع في السجن بعد الثورة التي أزاحته من الحكم وتوجيه عشرات التهم ضده .كل تلك الصور حين أقارنها بما أعيش أجدها مأساوية ، مقارنة بحال من تمثل فيها من رؤساء تحولوا إلى مجرد حكايات ومصير مرعب لجثثهم يهرب الناس حين يرونها أو يضحكون منها ويشعرون بأنها يمكن أن تتحول إلى كوابيس مخيفة ، عجيبة هذه الدنيا بكل ما فيها من حكايات مبكية ومضحكة معا . ألا يتعظ الحكام القمعيون من مصيرهم المجهول؟