مصر تتجاوز أزمة دفن ضحية كورونا باعتذار وتحقيق وفتوى
تجاوزت مصر أزمة رفض أهالي قرية بشمال البلاد، دفن ضحية فيروس كورونا المستجد باعتذار رسمي وتحقيق جنائي ورأي شرعي.
وأجرى رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي اتصالا هاتفيا بزوج الطبيبة الراحلة، سونيا عارف (64 عاما)، التي رفض أهالي قريتها مواراتها الثرى بمدافنها مقدما له الاعتذار.
وقال مدبولي في اتصاله: “أكلمك كمواطن مصري، قبل أن أكون رئيسا للوزراء، لأقدم خالص العزاء، وأعتذر لكم بالنيابة عن جموع المصريين عما صدر من تصرفات مشينة من بعض أهالي قرية شبرا البهو”، بحسب وسائل إعلام مصرية.
وكانت حالة من الغضب شهدتها البلاد جراء تجمهر أهالي قرية بوسط دلتا النيل لمنع دفن الطبيبة التي توفيت متأثرة بمضاعفات فيروس كورونا المستجد مطلع الأسبوع الجاري.
وأضاف مدبولي: “من أخطأ سيحاسب بالقانون. وهؤلاء لا يعبرون سوى عن أنفسهم”.
من جانبه، قدّم زوج الطبيبة الراحلة محمد رضوان، الشكر لمدبولي، قائلا: “أتشرف بهذه المكالمة من رئيس وزراء مصر”.
فرد مدبولي: “الشرف لي أنا، وأكرر خالص العزاء ودعواتنا للطبيبة بأن يسكنها الله فسيح جناته”، بحسب ما نقلت وسائل الإعلام المصرية.
“لا يجوز شرعا”
وكان فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، وجّه رسالة بشأن مستجدات فيروس كورونا، مؤكدا خلالها أن مظاهر التنمر والسخرية من المصابين محرمة شرعا.
ومعلقا على رفض أهالي القرية المصرية دفن الطبيبة سونيا عارف، قال الإمام الأكبر: “لقد أحزنني كثيرا كما أحزن جموع المصريين أن نرى بعض أبناء وطننا يرفضون تسلم جثث ذويهم ممن ماتوا بهذا الوباء، أو دفنهم في مقابرهم، وهو أمر محرم شرعا ومجرم أخلاقا وإنسانية”.
وتابع: “ولا يجوز أبدا ولا شرعا ولا مروءة أن يسخر إنسان من إنسان آخر أصيب بهذا الوباء أو مات به أو يتنمر ضده”.
وبلهجة حاسمة، قال شيخ الأزهر إن “التجمهر في وجه جنازة الميت، ورفض دفنه في مقبرة بلده ومسقط رأسه هو انتهاك صريح وغير آدمي لحرمات الموتى التي تعارف عليها كل الناس شرقا وغربا، مُؤمنين وغيرَ مؤمنين”.
من جانبه، قرر النائب العام المصري حمادة الصاوي حبس 23 متهما 15 يوما احتياطيا على ذمة التحقيقات لاتهامهم بالتجمهر والاشتراك في منع دفن طبيبة الدقهلية سونيا عارف، التي توفيت متأثرة بإصابتها بفيروس كورونا.
وجاء في لائحة الاتهام أن “المتهمين قاموا بالاشتراك في ارتكاب عمل إرهابي وهو منع دفن جثمان سيدة متوفاة باستخدام القوة والعنف والتهديد والترويع بغرض الإخلال بالنظام العام وتعريض سلامة المجتمع ومصالحه وأمنه للخطر وإيذاء الأفراد وإلقاء الرعب بينهم وتعريض أمنهم وحقوقهم العامة والخاصة للخطر والإضرار بالسلام الاجتماعي”.
وأضافت: “قاموا بمنع وعرقلة السلطات العامة من ممارسة عملها ومقاومتها، واشتراكهم في تجمهر مؤلف من أكثر من 5 أشخاص الغرض منه ارتكاب الجريمة الإرهابية المذكورة.. وتعطيلهم بالعنف والتهديد إقامة إحدى الشعائر الدينية”.
تحقيقات النيابة العامة المصرية كشفت تفاصيل الواقعة من شهادة رئيس وحدة تنفيذ الأحكام بمركز شرطة أجا، مفادها أن بعض الأشخاص تجمهروا بقرية شبرا البهو لمنع دفن جثمان الطبيبة الراحلة بمدافن ذويها بالقرية.
وأوضحت أن عددا من الأشخاص اعترضوا سيارة الإسعاف التي تنقل جثمان الطبيبة وطاقم الطب الوقائي وذويها من الوصول للمقابر، كما أضرم بعضهم النيران بقش غلال بأراضٍ زراعية محيطة لمنع سيارة الإسعاف من المرور.
وألقى بعض منهم الحجارة على قوة الشرطة وسيارة الإسعاف وحرضوا الأهالي الموجودين بمحيط التجمهر على المشاركة فيه.
واتخذت الشرطة المصرية إجراءات فض تجمهرهم بالغاز المسيل للدموع، وقد أمكن ضبط 23 منهم، بينما لاذ الباقون بالفرار.
كما أمكن اتخاذ إجراءات دفن المتوفاة تحت إشراف طاقم الطب الوقائي بالإجراءات الوقائية اللازمة.
متابعة / الأولى نيوز