مشاريع.. فتشوا عنها وادعموه
فاتح عبد السلام
في المدن التي خرجت من الحرب مدمرة، في البنيان والنسيج البنيوي الأهلي، هناك نشاط اجتماعي لجمعيات أهلية ينظمها وجهاء واساتذة جامعات وتربويون، لهم جدول اعمال في إغاثة العوائل الأشد فقراً والتي انقطعت عن أسباب الحياة في السكن والمعيشة
. في مدينة الموصل هناك اكثر من تجربة ناجحة منذ سنوات، لكنها لا تزال محدودة الامكانات بالرغم من المساهمة في بناء مساكن للفقراء وتوفير رواتب الحد الأدنى لإعالة العوائل الأكثر عوزاً وتوزيع الاعنات في مواسم معينة. وتسهم المناسبات الدينية لاسيما في شهر رمضان المبارك والعيدين في اثراء صناديق التبرع من الأهالي الميسورين لصالح أعمال الخير.
ولا نغفل هنا ذكر انّ عدداً من المحتالين وبعضهم كانوا على صلة بنواب وأعضاء مجالس محافظات وسياسيين حاولوا التكسب غير المشروع من مشاريع السلال الغذائية وسواها من نوافذ الخير، لكن الأهالي قبل الدولة اكتشفوهم ونبذوهم.
الاجدر بهذه المشاريع الناجحة والصغيرة هو أن تتحول الى عمل مؤسساتي أكثر تركيزاً وشمولاً وفائدة، بالرغم من انَّ هناك رأياً آخر أسمعه مراراً في الشارع يقول انَّ من الصحيح أن تقوم الدولة الغنية بموارد النفط العالية عبر مجالس المحافظات بسد حاجة العوائل التي نكبتها الحرب بشكل فيه ديمومة وليس من باب الظهور في مناسبات معينة ومحدودة امام الكاميرات. غير انَّ من الأولويات هو اطلاق خطة لتبني الدولة دعم تلك المشاريع الاهلية النزيهة التي أظهرت كفاءة في الأداء ولم يعترها أيّ فساد كون القائمين عليها من المتبرعين انفسهم في بعض الحالات
. وهنا نحتاج الى عملية إحصاء ورصد وتحليل تلك المشاريع، ومن ثمّ اطلاق القرار المناسب لدعم الصالح والمنتج منها، وأن تبقى ادارات تلك المشاريع كما هي الان مادامت قد أثبتت نجاحها وفاعليتها، وخشية ان يتسرب اليها الفساد الحكومي المنتشر في كل مكان
. انَّ دعم مشروع اسكاني تقوم به الأهالي في المدن الخارجة من الحرب بمبلغ مليون أو مليوني دولار قد لا يعني شيئاً للدولة، لكن ذلك يعني الكثير للعمل الخيري والتطوعي ذي القابلية الإنتاجية النافعة للناس
.لابدّ أن تكون هناك مساهمة جدية من الدولة لدعم المشاريع التي أثبتت وجودها في تقوية تماسك المجتمع الذي كادت الحرب تُفسخه على نحو تدميري واسع. مشاريع.. فتشوا عنها وادعموه