“أتذكر كيف كانت بغديدا في أيام كهذه خلال السنوات الماضية واحتفالاتنا بها”، تقول “سونيا” (35 عاماً) وهي تحضر طبق حلوى وتضعه على طاولة كبيرة ممتلئة بأنواع مختلفة من الحلوى الخاصة باحتفالات رأس السنة الميلادية ومولد السيّد المسيح، حيث تصطف “الكليجة” إلى جانب الكعك وعليه أشكال عدة من زينة الميلاد.
تفتقد “سونيا” الأيام والمشاعر التي كانت تعيشها وعائلتها في بلدتها قره قوش التابعة لقضاء الحمدانية في نينوى، قبل أن يسيطر تنظيم “داعش” على الموصل في حزيران 2014، فقتل وهجر الآلاف من المسيحيين وفرض على المتبقين منهم جزية مالية.
ورغم استعادة القوات العراقية المشتركة السيطرة على نينوى وطرد “داعش” منها بدعم من قوات التحالف الدولي في 2017، لكن ما شهدته قره قوش من حملات قتل وتهجير وسلب لممتلكات السكان، لا تزال تلقي بوطأتها على المدينة وكذلك نفوس ساكينها.
“صليوا” ذو الثلاثة والأربعين عاماً، واحد من هؤلاء، وقد زار البابا فرنسيس مدينتهم صيف العام الجاري.
ويقول لمصدر تابعته (الاولى نيوز)، إن “الصعوبات تزداد كل عام ولم تعد احتفالاتنا مثلما كانت عليه في السنوات الماضية، فلم نعد نفعل الكثير مما كنا نقوم به حينها. الآن نكتفِ بتزيين شجرة الميلاد وتحضير المأكولات وشراء ملابس جديدة للأطفال”.
ويأمل “صليوا” أن تعود “المسرة الحقيقية” لنفوس المسيحيين وأن تكون الأعوام المقبلة “خيراً للجميع” مستذكراً الأشخاص الذين هاجروا بلدة قره قوش بعد سيطرة “داعش” عليها، ويرجو أن يعودوا لديارهم وأحبائهم.
في الحمدانية، نصبت شجرة عيد ميلاد عملاقة بينما تجوب فرق شبابية ترتدي ثياب “سانتا كلوز” أو “البابا نويل” الشوارع لزرع البهجة في نفوس المارة.
ويبلغ ارتفاع هذه الشجرة 14 متراً وبقطر 5 أمتار وذات لونين، أبيض وذهبي، وهي “أكبر شجرة كريسماس في بغديدا”، كما يقول مصممها جون حنا، الذي يأمل أن تدخل شجرته “الفرحة في قلوب الناس”، والشجرة هي من فكرة الأب نوار زكريا، كاهن كنيسة مار زينا، وصممها حنا مع “مغارة الطفل يسو” بدعم من منظمة إغاثة مسيحي الشرق الفرنسية.
ويضيف المصمم المسيحي، أن هيكل الشجرة مصنوع من الحديد أما موادها الأخرى فتشمل الفلين والقطن الصناعي وأغصان الأشجار ومواد محلية رخيصة الثمن ومزينة بإضاءة، في حين صُنعت المغارة من عشبة “البامياس” المتوفرة في كل مكان في بغديدا، وهي عبارة عن نبات عشبي به أوراق طويلة ورقيقة وذات جمالية، واستغرق إنجاز الشجرة 15 يوماً.
وأعجبت الشجرة التي صنعها حنّا الأب نوار زكريا الذي يقول، إن “هذه الشجرة هي رسالة ملؤها السلام لكل العراقيين وليس المسيحيين فقط: لنعش بأمان ونتوحد حتى في أعيادنا”.