مرصد الحريات يطالب بألغاء “قوانين البعث” التي صدرت بموجبها مذكرة اعتقال “الصميدعي”
بتشريعات موروثة من الأنظمة الشمولية السابقة، لا زالت مذكرات القبض بحق الصحفيين والناشطين وأصحاب الرأي في العراق تصدر مستندة على مواد قانونية تعود لأكثر من خمسة عقود، وقد تؤدي الإدانة ببعضها إلى عقوبة السجن المؤبد أو الإعدام، وهو ما يتناقض مع دستور عراق ما بعد 2003 الذي يكفل حرية التعبير.
وهذه المواد هي بالترتيب: 81، 82، 83، 84، 201، 202، 210، 211، 215، 225، 226، 227، 403، 433، 434 من القانون رقم 111/ 1969، والمتعارف عليه باسم قانون العقوبات لسنة 1969.
وتنص هذه المواد على فرض غرامات وأحكام بالسجن لفترات طويلة، أو كليهما معاً، على من يدان بطائفة من المخالفات الصحفية. ويفرض القانون عقوبة الإعدام على بعض المخالفات. فعلى سبيل المثال، يفرض قانون العقوبات عقوبة السجن مدى الحياة أو الإعدام على من يدان بإهانة الرئيس، أو البرلمان، أو الحكومة، كما يفرض عقوبة السجن لمدة سبع سنوات على من يهين المحاكم، أو القوات المسلحة، أو السلطات العامة، أو الوكالات الحكومية.
ويفرض قانون العقوبات أيضا عقوبات قاسية بالسجن ودفع غرامات لبث أو نشر معلومات كاذبة، واستيراد وتوزيع صور ومواد تقلق الأمن العام أو تتضمن قذفاً وتشهيراً.
سبق لمرصد الحريات الصحفية (JFO) ولجنة حماية الصحفيين (CPJ) أن انتقدا هذه البنود القانونية الخمسة عشر، في بيان مشترك صدر في (10 حزيران/ يونيو 2009) وطالبا بتعليق العمل بتلك المواد كونها تجرم المخالفات المتعلقة بالصحافة وتفرض عقوبات صارمة عليها.
وبالفعل، أشرّ مرصد الحريات الصحفية (JFO)، منذ تأسيسه عام 2004 وحتى الوقت الراهن، استخدام مسؤولين حكوميين رفيعي المستوى للغطاء الذي توفره المواد القانونية المشار إليها كأداة سياسية لعرقلة دور وسائل الإعلام الإخبارية وتكميم أفواه العاملين فيها وكذلك نشطاء الرأي.
ونشر المرصد تقارير مفصّلة في العديد من الحالات المماثلة وأدانها وطالب بإطلاق سراح صحفيين ونشطاء رأي اعتقلوا بناءً على دعوى قضائية من هذا النوع.
وآخر الحالات في هذا الإطار، اعتقال الصحفي والمحلل السياسي الحائز على درجة البكالوريوس في القانون، إبراهيم الصميدعي، مساء الجمعة (19 آذار/مارس الجاري)، بتهمة “إهانة السلطات العامة بإحدى طرق العلانية وفقاً للمادة 226 من قانون العقوبات العراقي”، والتي تصل عقوبتها في حال الإدانة إلى السجن 7 سنوات.
وصدرت مذكرة القبض بحق الصميدعي بعد فترة وجيزة على إدلائه برأيه الشخصي إزاء قانون المحكمة الاتحادية الذي أقرّه البرلمان العراقي في الأسبوع الماضي.
استمع مرصد الحريات الصحفية (JFO) إلى التسجيلات الصوتية لإبراهيم الصميدعي، والتي قد تكون السبب الرئيس خلف إقامة الدعوى القضائية ضده، وكذلك منشوراته حول قانون المحكمة الاتحادية ووجد أن اللغة التي استخدمها خالية من الإهانة أو الاتهام المباشر وتبقى في إطار الرأي الشخصي.
كما اطلع المرصد على مقاطع مصورة توثق لحظة اعتقال الصميدعي من منزله ببغداد في وقت متأخر من ليلة الجمعة (19 آذار / مارس 2021)، ووضع الأصفاد في يديه، وهو ما لا يتناسب مع حالة شخص تتعلق تهمته بالتعبير عن الرأي بعيداً عن التحريض على القتل مثلاً أو الدعوة للتطرف والعنف أو الحض على الكراهية أو الإرهاب وما شابه.
هنا، يجدد مرصد الحريات الصحفية (JFO) مطالبته بتعليق العمل في المواد القانونية: ، 83، 84، 201، 202، 210، 211، 215، 225، 226، 227، 403، 433، 434 من القانون رقم 111/ 1969، لتناقضها مع الدستور العراقي الذي كفل حرية التعبير، وبعدما ثبت في حالات كثيرة سابقة، مؤشرة ومرصودة، استخدامها كأداة للتضييق على العاملين في الصحافة وأصحاب الرأي.
كما يدعو مرصد الحريات الصحفية (JFO) إلى سحب الدعوى المقامة ضد الصحفي والمحلل السياسي إبراهيم الصميدعي والإفراج الفوري عنه، كما يشدد على ضرورة تعديل المواد القانونية المتعلقة بالصحافة وحرية التعبير وإعادة صياغتها بما ينسجم مع الدستور العراقي والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والذي يضمن الحق في “التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها إلى آخرين دونما اعتبار للحدود، سواء على شكل مكتوب أو مطبوع أو في قالب فني أو بأية وسيلة أخرى”.
إن القانون الذي يحمي الصحفيين وأصحاب الرأي والنشطاء السياسيين ويضمن لهم حرية التعبير هو أمر ضروري ولابد منه لترسيخ قواعد الديمقراطية في العراق.