مرايا العيد
ضياء الوكيل
فرحة العيد تتوضأ بحب الله وطاعته، وتحتفي مع المكبّرين في المساجد، بحلاوة الرضا والقبول والإيمان، وتوقظ فينا لوعة الحنينإلى الماضي، وذكريات الطفولة البريئة، وهي تنتظر شمس النهار،لتكشف عن وجهها المضيء، وتغزل بنورها ظفائر العيد، حيث يطلّالصغار من نافذة الفرحة على الملابس الجديدة، والعيديات، وحلاوةاللهو في (المراجيح) ودواليب الهواء، إنّها خواطر الأيام الخوالي تعانق القلوب والأرواح، بدفئها، وأسرارها، وحنينها العاطرالمتقد، لعلها تلملم بعض السنابل المتهاوية من أعوادها، بتجلياتالعيد ونسيمه العذب، ومن بينها أغاني العيد، ولا ننسى رائعة أمكلثوم ( يا ليلة العيد آنستينا وجددتي الأمل فينا.. يا ليلة العيد)،ذلك الصوتُ الشجيّ القادمُ مع الأثير، مترعا بالسحر والعذوبة،وطراوة اللحن، يكتسح الكيان، وينساق في شرايين الدم، حتّىيفضي إلى شغاف القلب، ليعلن حلول العيد السعيد، في رحابالبيوت الآمنة، عبر المذياع والتلفاز، وفي ليلة العيد، ويوم عرفه،ترى الأمهات لا زلنّ منهمكات، في وضع اللمسات الأخيرة للتنظيف،والتزيين، وتحضير الملابس، والتفنن في صناعة (الكليجة) وحشوهابالجوز والمبروش والتمر مع الخفيفية وما أطيبها مع إستكان الشايالمهيّل، كل ذلك إستعدادا لصناعة الفرحة الكبرى والسعادة، فيوجوه ونفوس الأطفال والكبار، خلال أيام العيد…كانت أمهاتنا أشبه بالنحلة المحلّقة بين الزهور، ترتشف من رحيقهاالطيّب، ما تستطيبه وترتضيه، لتسوقه إلينا عسلا، سائغا، معطّرابالحب والحنان والسعادة والرحمة، أمّا الآباء فكانوا الخير والأمانوالبركة، والمتكأ الراسخ المتين للعائلة، وما أن يحين موعد العيد،حتى يمتلأ الكيس المبارك بالعيديات، ومن كل الفئات ( الدرهم،والمئة فلس.. وغيرها) ويضعوها تحت المخدّة، وهي جاهزة للتوزيععلى الأولاد والأحفاد، مع جرعة من الحنان تمنح العيد أفراحاً،وأنواراً.. وبهجة، رحمهم الله جميعا، وبارك بعمر الأحياء منهم، وإنكان العيد قد تزامن هذا العام مع الوباء، وانقطاع الكهرباء، وحرارة تموز اللاهبة، والهموم، وقيود التباعد الإجتماعي، وحظر التجوال،إلا أنّهُ لم ولن يثنينا من تبادل رسائل التهنئة، والبطاقات الملونة،المعطرة بشذى الورود ورقّتها ونقائها الآسِر، مع الأرحام والأصدقاءوالأحباب، وسنحتفظ بعيدية الصغار، في القلوب قبل الجيوب،ونوصلها لهم على أجنحة المحبّة والنور والمسرّة، ولا ننسىالراحلين بالدعاء والتصدّق والرحمة، والفقراء بما تيسر من زكاةالفطر، والعون والمساعدة، حتى تكتمل الفرحة، يحدونا الأملوالتفاؤل بأن يكون القادم أفضل، وما أدراك لعل الله يحدث بعد ذلكأمرا.. ﴿ فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا ﴾*ونقول للجميع عيدكم مبارك، وكل عام وأنتم بألف ألف خير ..