مراكز التفكير… جعجعة الحوار بلا طحين !!
مازن صاحب
ضمن أولويات العدالة الانتقالية..فتح ابواب الحوار الوطني وصولا الى عقد اجتماعي دستوري جديد يلغي اثام الماضي ويفتح آفاق الغد في عراق واحد وطن الجميع. السؤال ..لماذا فشل الحوار الوطني العراقي في دعم بناء دولة مدنية عصرية متجددة بمعايير الحكم الرشيد؟؟ حسب معرفتي المتواضعه جدا .. هناك اكثر من اجابة على هذا السؤال.. ولكن لا أحد سواء من الاغلبية الصامتة او الاحزاب المتصدية لسلطان الحكم اليوم يصغي لمثل هذه الإجابات حتى بات الامر وكأنه حوار طرشان.. حينما تجلس في ندوة حوارية المفترض فيها مناقشة اصحاب المصلحة في محور ما ..فسرعان ما يسود قاعة الندوة نموذج( His master Voice ) ان يستمع المتحاورون لنمط واحد من الأفكار والاراء التي ترسخ ليس الحوار مع الاخر المختلف بل مع الذات الحزبية او الفئوية او حتى الشعبوية التي ترفض مثل هذا الحوار عقائديا فيما ترحب به على مائدة توزيع الأدوار في مفاسد المحاصصة!! هكذا نبقى نسمع عن جعجعة الحوار الوطني العراقي بلا نتائج تطبيقية واقعية لدعم بناء الدولة الدستورية مقابل حالة اللادولة والخضوع لاحكام اجندات إقليمية او دولية يتم التعبير عنها بسياسات حزببة متضاربة .لعل المثال الواقعي لها يتجسد في نشاط السفيرة الأمريكية.. وتطور العلاقات العراقية العربية.. مقابل بيانات اطراف عراقية رافضة وتعبر عن اجندات دولة اقليمية بوضوح .. اليس اغلب قيادات هذه الأجنحة الحزبية المسلحة تجتمع مع السفيرة الأمريكية .. ولها علاقات حتى مع ولي العهد السعودي ؟؟ .. فما هو مصير صخب البيانات مقابل تفاهمات قيادات متصدية للسلطة..ولكن ليس بعقلية رجال دولة بل بنموذج مختلف أقل توصيف له في معايير الحكم الرشيد انه حالة خارجة عن القانون الدستوري والتزاماته الدولية .. فهل انتبهت هذه القيادات السياسية العليا الى هذا التضارب ام هناك منهم من يوصف أفعاله بكونها توظف مثل هذا التضارب لتطبيق اجنداته الحزبية ..لكن السؤال وماذا عن ثوابت الدستور العراقي النافذ؟؟ هل كسر جرة الثوابت الدستورية حالة مقبولة ضمن ضرورات المقاومة التي تتقدم على هذه الثوابت؟؟ سبق وان نشرت عدة مقالات عن اهمية قيام مراكز التفكير العراقية لاسيما المعنية بالامن والسياسات العامة على توليد افكار مبتكرة تفصل ما ببن التعريف والتطبيق القانوني لتجريم الخيانة العظمى من خلال مضمون قانوني واضح وصريح لتوصيف العدو والصديق في إطار مضمون حقيقي لتطبيقات الامن الوطني العراقي وفق ثوابت دستورية.. لكن اي من هذه المراكز ومن بينها مركز النهرين للدراسات الاستراتيجية على سبيل المثال .. لم يبادر الى إيجاد هذا الفاصل المحوري بين تعريف وتطبيق دستوري لجريمة الخيانة العظمى تتعامل به مؤسسات الدولة العراقية بمواثيق حقوقية دولية يلتزم بها العراق ..ومواقف اجندات حزبية.. مثل هذا الفصل لا يمكن أن ينتج من دون ورش عمل تفاعلية تستمع للآخر المختلف وليس مجرد الاستماع للذات الحزبية التي تجعل حتى الباحث الاكاديمي يحاول ان يوظف طروحاته ضمن الجو العام لاجندات حزبية وليس بمضمون ثوابت عراق واحد وطن الجميع ..متى ما انتبه القائمون على مراكز التفكير التي ترتبط بالرئاسات الثلاثة والجهات الامنية تحديدا ..يمكن ان يولد الحوار الوطني ليس زبد البحر الذي يذهب هباء منثورا بل مايبقى على الأرض وينتفع به المواطن العراقي الناخب لاسيما من الاغلبية الغالبة الصامتة.. هل يمكن أن ينتبه من عليهم الانتباه .. من يدري ..ربما نعم وربما تظل جعجعة الحوار بلا نتيجة غير صخب التنابز الصارخ ما بين اجندات حزبية متعارضة..ويبقى من القول لله في خلقه شؤون!!!