محافظ البنك المركزي: القطاع المصرفي يشهد تطورات نوعية كبيرة
أعلن محافظ البنك المركزي علي العلاق، اليوم الاثنين، أن القطاع المصرفي يشهد تطورات نوعية كبيرة، فيما دعا إلى التعاون والتنسيق بين البنوك المركزية العربية والمصارف والمؤسسات المالية غير المصرفية لتحقيق الاستقرار والنمو الاقتصادي.
وقال العلاق خلال مؤتمر “التحديات التي تواجه المصارف العربية في الامتثال للقوانين والتشريعات الدولية وتلبية متطلبات البنوك المراسلة”، المنعقد في بغداد بحضور عدد كبير من المسؤولين المصرفيين والاقتصاديين العرب، وتابعته (الاولى نيوز): “يسعدني أن أرحب بكم في بلدكم الثاني العراق، وأتقدم بالشكر والعرفان لمجلس إدارة اتحاد المصارف العربية والأمين العام لرابطة المصارف العراقية الخاصة ولكل من ساهم في تمكين انعقاد هذا المؤتمر الذي لا يخفى على الجميع أهميته في إطار التعاون والشراكات العديدة التي يقيمها البنك المركزي العراقي مع مختلف المنظمات والمؤسسات العربية والدولية. وانفتاحه عليها بهدف تبادل الخبرات وتحسين الأداء في القطاع المصرفي والمالي”.
وأضاف أن “ذلك يعكس مدى توافق الرؤى التطويرية والأهداف الستراتيجية في ما يتعلق بالموضوعات التي يتم تناولها، والتي تركز على مجالات جوهرية وأساسية، مثل دعم التنمية الاقتصادية ومكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، ورقمنة الخدمات والمنتجات المالية والمصرفية، والمدفوعات الإلكترونية وتحقيق أهداف الشمول المالي”، مشيراً الى أن “هذه المواضيع تؤثر بشكل مباشر في الاقتصاد وحياة المواطنين، حيث لا يمكن البحث في واقع القطاع المصرفي وواقع المصارف بعيدا عن الاقتصاد الكلي”.
وأكد العلاق أن “البنوك المركزية واجهت تحديات متزايدة بعد عقود من الوظائف والمهمات التقليدية والتي يمكن أن تكون أقرب الى السكون، حتى حملت كل فترة تحديات مختلفة استدعت منهجاً خاصاً في مواجهتها”، لافتاً الى أنه “بعد فترات طويلة من الانخفاض في أسعار الفائدة والتضخم، بدأ الاقتصاد العالمي يواجه مرحلة تتسم بارتفاع التضخم وارتفاع مستويات الدين العام والدين الخاص، ما دعا البنوك المركزية الى أن تتلمس الحاجة الملحة، لإدراج الاستقرار المالي وبواعث القلق بشأن الانكماش ضمن نماذجها الاقتصادية واستحداث أدوات غير تقليدية للتعامل معها”.
وتابع أن “الأزمة المالية في عام 2008 أعقبتها سلسلة من التحديات، حيث ارتفع الدين العام والاندفاع نحو رفع الفائدة لمواجهة تهديدات التضخم لما يجعل خدمة الدين العام أكثر تكلفة، وهنا يصعب التوازن في تحقيق أهداف متقاطعة تصعب المقاربة فيما بينها”، لافتاً الى أنه “منذ أزمة كورونا بدأ واضحاً أن السياسة المالية العامة يمكن أن تصلح أحد العوامل الدافعة لزيادة التضخم”.
وبين أن “طبيعة الصدمات ووتيرة حدوثها تغيرت محلياً ودولياً، حيث كانت الصدمات تاريخياً تحدث بسبب زيادة الطلب أو انخفاضه باستثناء صدمات العرض والذي يعرف بالركود التضخمي في سبعينيات القرن الماضي”، لافتاً الى أن “هناك صدمات عديدة اليوم منها الطلب مقابل العرض، والمخاطر الخاصة مقابل المخاطر النظامية، والصدمات العابرة مقابل دائم، مما يتطلب منهجاً معدلاً في مواجهة التغيرات المفاجئة وغير المتوقعة”.
وذكر أن “البنوك المركزية تواجه تحديات جديدة في التفاعل بين الاستقرار المالي والنقدي، في ظل هيمنة السياسة المالية العامة واضطرار البنوك المركزية الى تسهيل ديون الحكومات المفرطة، على حسب الضبط المالي الذي يستلزم تقليص الإنفاق أو زيادة الإيرادات المحلية أو كليهما”.
وبين أن “القطاع المصرفي العراقي شهد عبر 10 سنوات منصرمة تطورات نوعية كبيرة استجابة لمتبنيات وسياسات البنك المركزي العراقي، حيث أدخلت وطبقت لأول مرة مفاهيم وممارسات قواعد الامتثال والحوكمة وادارة المخاطر والرقابة الاحترازية والرقابة المبنية على المخاطر وإدارة الجودة الشاملة واستمرارية الاعمال والخدمات الرقمية والشمول المالي”.
وبين أنه “رغم كل هذه التطورات تبقى هناك تحديات كبيرة ومتصاعدة تتمثل بتحديات الامتثال للقوانين والتشريعات والمتطلبات والمعايير الدولية”، موضحا أن “هذه التحديات لها صلة وتأثير مباشر على انفتاح المؤسسات المالية المحلية على مثيلاتها الدولية”.
وأكد أنه “بقدر ما يحققه كل ذلك من تحقيق التواصل والارتباط مع العالم الخارجي، فإنه بلا شك يحمل تحديات وآثار كثيرة”، معربا عن امله ان “يوفق هذا المؤتمر في إشباعه والوصول الى حلول ناجعة لهذا التحدي وتكريس التعاون والتنسيق بين البنوك المركزية العربية والمصارف العربية والمؤسسات المالية غير المصرفية، لتحقيق الاستقرار والنمو”.