مجلس النواب العراقي وضرورة التجديد
عبد الخالق الفلاح
التمسك بالقيم والمبادئ الديمقراطية، والتركيز على مبدأ الفصل بين السلطات، ومبدأ التداول السلمي للسلطة لا يمكن أن يكون إلا من خلال تطوير وتحديث التشريعات الوطنية والتمسك بها، ومراجعة الاطر القانونية والتشريعية والسياسية للعملية الديمقراطية وتغيير سبلها الحالية البعيدة كل البعد عن مسارها ومفهومها وقواعدها الى اركان للعمل الوطني الجاد نحو البناء ،ووضع الأسس السليمة بحذافيرها و التی تنبثق منها الحكومة كي يمكن لها قيادة الدولة ومواجهة الضغوطات الهائلة داخليا وإقليميا ودوليا و كيفيت محاربة الفساد والمفسدين وتعديل الدستور وإصلاح مؤسسات الدولة وكيف يمكن بناء الاقتصاد الفاشل الحالي الى اقتصاد متين وفق القواعد المهنية والشرائع الفلسفية المنصوصة لها وتقديم الخدمات لشعب يئن تحت عدميته ومخلفات هذه السنوات البغيضة بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى وقبح ، و إعادة بناء الدولة في ظل المفاهيم الحقيقية لا الشكلية تحت خيمة صراع الإرادات والتي يمكن ضمان أمن الناس وتخليص البلاد من الخلافات الشخصية والنفعية التي تمثل العائق والخطر الاساسي امام بناء الدولة .كيف يستطيع العراق في ظل اللاعيب السلطوية التي تعبث بكل مفاصل الدولة بالنهب والسرق في مواجهة التحديات الإقليمية وأهمها شحة المياه التي أخذ یعانی بسببها والطاقة الكهربائية المفقودة رغم كل المبالغ الضخمة التي نهبت تحت غطائه والعمل على تطوير الموانئ البحرية المحاصرة من كل حدب وصوب والسيطرة على المنافذ الحدودية التي تكاد تكون بعيدة عن سيطرة الحكومة طالما بقي السياسيون يتقاتلون على مواردها و بدل الاهتمام بمثل هذه الأمور المهمة سوف تبقى الامور هي تراوح في محلها ومتى ما تم تنفذ سياسة وضع الكفاءات المتخصصة التي بدونها لا يمكن التعجيل بإعادة إعمار البلاد ونهوضه من كبوته فی مثل هذه الأحوال. في اعتقادنا الکامل ایضا من أن التكافؤ المفقود في مجلس النواب العراقي الحالي و ما یجری هو تجاوز صریح علی الدستور و القانون في وضح النهار و استهتار بالقيم الديمقراطية ويدفع البلد نحو المجهول والذي أصبح مركزا للصراعات المناطقية والعشائرية لا يمكنه أن يضع حدوداً سياسية واضحة لبرنامج قصير المدى او بعيد المدى في حسابات البناء للدولة الرشيدة إذا لم یغیر اضطره الی واقع برلمانی مستمر ال انعقاد لأنه هو الذي يحدد الإطار الشرعي ويشرف على التنفيذ للحكومة، وبالتالي فهو يلعب دورا أساسياً في كشف الفساد العام الذي هو غارق البرلمان العراقي فيه وابعاده عن الأحزاب السياسية الفاشلة التى لا تمتلك قواعد حقيقية فى المجتمع، والتى ينحصر وجودها فى الفضائيات أو الصحف التى تؤجر مفروشة لكل من يدفع، هذه الأحزاب اغلبيتها لا يوجد لها أى قواعد حقيقية في الشارع العراقي. ويسعى كل البرلمانيين في العالم إلى تمثيل مواطنيهم تمثيلاً فعالاً عن طريق تنفيذ الأدوار التشريعية والرقابية التي تكون في المصلحة العامة ويتم ذلك بطريقة تعكس المعايير الأخلاقية في مجتمعهم والتي يفتقر اليه البرلمان الحالي وبلا أية فائدة للوطن والمواطن مع حرص النواب على جمع الامتيازات والرواتب وتبرئة الفاسدين ولاشك من ان المجلس القادم اذا سارت الامور على نفس المنوال الحالي سوف يكون خالياً من الاحزاب الدسمة والتعددية وذات الحس الوطني لتشكيل الحكومة وسوف يتكون البرلمان من بعض النواب الذين تدور حولهم شبهة الفساد دون رفع الحصانة البرلمانية لمحاسبتهم في البرلمان الحالي ويصبحوا وزراء هذه المرة طبقاً لنظام المحاصصة.البرلمان العراقي خالف كل القواعد البرلمانية في دول العالم والذي يعتبر أهم مؤسسة فى النظم السياسية؛ بشرط أن يكون فيه برلمانيون ومؤسسة جديرة بالاهتمام ، أعضاء يمثلون المجتمع، ويحرصون على الحفاظ على الدولة ورقيها، ويحققون مصالح كل المواطنين… و هو مؤسسة للرقابة والتشريع، يراقب ويحاسب الحكومة والادارة، ويضع القوانين التى تنظم المجتمع وتحقق سعادته وتحافظ على مستقبله، على أن يكون في قمة الديمقراطية والحكم الرشيد، وليس مؤسسة وحيدة معلقة فى الهواء بدون طبقات متعددة من المؤسسات الديمقراطية، وبدون ثقافة ديمقراطية، بدون أحزاب حقيقية قادرة على أن تملأ البرلمان والبرلمانيين حقيقيينلو نظرنا إلى تفرد تجربة العراق، في محيطه الدولي، سنجد أن هذه التجربة لا يمكن لأي مواطن عراقي أن يتصدى لها بفهم مرحلي تزامني، فضلاً عن الفهم البعيد. فمن الناحية التاريخية نجد أن التجربة البرلمانية الحالية هي فاشلة ولم تضيف شيئ جديدة على مدارك المواطن ، لانها لم تأت أو تولد نتيجة ظروف تأريخية الطبيعية و عبر مراحل زمنية متراكمة كما هو الحال في التجارب البرلمانية الأخرى لانها تجربة فقيرة من كل المحتويات بكل المعاني .البرلمان يجب ان يكون أفضل من يقدر على تحديد ما يمكن للبرلمان والبرلمانيين من فهم السياق السياسي والاجتماعي الذي يعملون في ظله وينبغي القيام به لتمكينه من لعب دور ّفعال في تحقيق أهداف التنمية المستدامة و فرصة لبناء النقاش بين الفاعلين الرئيسيين داخل البرلمان وخارجه للخروج بأفضل السبل لتنفيذ المؤسسة البرلمانية مهامها على أكمل وجه، وذلك من خلال افكار جيدة ّتتطابق مع مفاهيم مجتمعنا قابلة للتطبيق و تتبناها برلمانات أخرى، ومناقشة تطبيق المعايير الدولية على عمل البرلمان.