ما ينتظره الاعلاميون من القوانين
د. فاتح عبدالسلام
دفع الصحفيون العراقيون من كل المشارب والالوان ثمناً باهضاً، كما لم يحدث في أي بلد عربي، في أقل من عقدين، إذْ جرى اغتيال المئات وعانى آخرون التهجير الاضطراري خوفاً من كواتم الصوت.
وكان الطموح المستمر يتمثل في الدعوة الى اصدار قوانين تحمي الصحفيين والاعلاميين وأصحاب الرأي ومؤسساتهم وتجرم كل الجهات التي تحاول النيل منهم انسجاماً مع نصوص في الدستور العراقي وحرية التعبير في القانون الدولي.
كُل ذلك لم يحصل، بل كانت قد دفعت حكومة غابرة غبراء في العام ٢٠١١ نفس هذا القانون، موضع الرفض الشعبي والمهني، من أجل اقراره في مجلس النواب، ولكن لم يتم تمرير مناقشة لذلك المشروع، وتكررت المحاولة في الحكومة السابقة أيضاً، ويبدو أنَّ هناك إصراراً حكومياً وسياسياً على وضع هذا الحاجز القانوني الكبير أمام ما تبقى من مساحات للتعبير واظهار الجوانب الاخرى للأخبار الرسمية والاحداث الجارية بما يتوافق من حرية تداول المعلومات أحدى مرتكزات المناخ الديمقراطي.
هناك فقرات في مشروع قانون الجرائم الالكترونية، ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب، ويبدو واضحاً أنّه استهداف لمنع أية حركة احتجاجية على مسار خاطىء في يوم ما .
فالبنود مطاطية ويمكن تغييرها لصالح السلطات بما يمنع ظهور أية نغمة تختلف عن النسق السائد، وهي صيغة شمولية مقننة.
وهنا، لحظت منظمة هيومن رايتس ووتش أنَّ البنود المتضمنة للقانون فضفاضة وأنّ مجال العقوبات المقابلة للمخالفات قاسية جدا تصل الى المؤبد والغرامات الباهضة.
بدل هذا الاتجاه نحو تشريعات تعسفية، ليكن العمل من اجل اقرار قوانين اخرى سوف تحمي المجتمع والدولة وتوفر حصانة للجميع، منها قانون تجريم الطائفية فكرا وسلوكا، وكذلك قانون حرية الوصول الى المعلومات وحماية مصادرها وتحمّل المسؤولية الاعتبارية والقانونية في التصرف بها .