ما هكذا نسترد أموالنا المنهوبة
د. فاتح عبدالسلام
من دون شك انَّ هناك ربطاً بين كون العراق يحتل الصدارة في سلم الفساد، وبين إقامة مؤتمر دولي في بغداد لاسترداد الأموال من الفاسدين في الخارج، وتوجيه رسالة ممهورة بتوقيع الجامعة العربية وممثلي بعض المنظمات الدولية للمطالبة بتحصيل تلك الأموال المليارية المهرّبة. ما يجري يحمل العنوان الأكثر جذبا وجمالا وأهمية، إلا انّ الأموال المسروقة لا يمكن استردادها عبر مؤتمرات مفتوحة تشبه ورشات العمل البحثية التي تتوافر على عرض المزيد من الأسس النظرية والمفاهيم والمصطلحات، ليتم صياغتها في اليوم الأخير من المؤتمر في قالب توصيات، يتوهم القائمون على المؤتمر انها ستكون رسالة ذات صدى في نفوس َمن له علاقة بأموال العراق المنهوبة أو غيره من البلدان. هناك مسارات واضحة ومعلومة في العراق، من الممكن ان تفعّل حكوميا وقضائيا وخارجيا لتتبع الأموال المنهوبة لاسيما انّ اللصوص معروفون بالاسم والصفات والعناوين، ومنهم مَن لا يزال يتحرك بيننا ضاحكاً غير آبه بهذا العبث الذي تزاوله جهات رسمية بإطلاق مؤتمر دولي له منابر يُبح الصوت عبر مكبرات الصوت فيها من دون ان يعود دينار واحد الى خزينة الدولة. ولأنّ الفساد لا يزال يحافظ على أركان منظومته في البلد فلا معنى من إعادة أموال منهوبة ليقوم اخرون بنهبها مادامت الإجراءات تمر بهذه المضائق الروتينية الضبابية والغامضة، والتي يبدو انها تتعمد سلوك الطرق غير المباشرة والملتوية للوصول الى حرامي ثانوي ربما لم يبق الكثير من المسروقات في جيبه، في حين ان الدينصورات الكبيرة تنهش بلحم الشعب . الكلام يجب ان يكون مباشراً مع عواصم محددة وبالأدلة والاحكام القضائية التي تدين أسماء معينة وتطالب العالم بإرجاع أموال بحوزتهم الى بغداد فوراً. وهذا يتطلب عدم الرضوخ لمنطق عدم المساس بالتوافقات والتوزنات السياسية، ويحتاج تنسيقا عاليا بين الوزارات والأجهزة المختصة لملاحقة اللصوص. كما انَّ مجلس النواب مدعو لفتح الملف بشكل عميق وغير سياسي ودعائي من اجل إعادة حقوق جيل عراقي كامل منهوب. ما يجري هو اطلاق رصاصات صوتية مبعثرة للتخويف، وليست ذات تسديد قاتل نحو صدر الفساد.