مقالات

ما شاف وشاف

ما شاف وشاف – كفاح محمود كريم

شافَ ويشوف كلمة عربية فصيحة لها معاني كثيرة من أبرزها نَظَرَ ورأى، ويستخدمها العامة من غالبية أهل العراق، ولعلّ أجمل استخداماتها هو المثل الذي توجتُ به مقالتي هذه ” ماشاف وشاف!” للتعبير عن أصحاب النعم الجديدة والمفاجئة وغالباً المشكوك في أمرها، ويأتي المثل للتعبير الناقد لحالة شاذة في الغنى والثراء السريع، أو اعتلاء المناصب والوجاهة خارج قوانين وأعراف التسلسل الطبيعي للتطور الوظيفي أو الاجتماعي من خلال عملية مشبوهة غير طبيعية، وما أكثرهم في يومنا هذا في البلدان التي تعرضت لتغييرات حادة دون سياقها الطبيعي، وبتدخلٍ جراحي أدّى إلى ظهور أعراض غير متوقعة أو مدروسة، ففي العراق ومنذ 2003? حيث أسقطت الولايات المتحدة الهيكل الإداري للنظام العراقي السابق دون أي برنامج مدروس لبديل يفقه مشاكل العراق البنيوية والاجتماعية والسياسية؛ وذلك باستخدام عناصر لا تمتلك في جلّها أي جذور عميقة أو معرفة دقيقة في معضلة العراق منذ تأسيس كيانه السياسي في عشرينيات القرن الماضي وحتى يومنا هذا، حيث كانت الأدوات التي استخدمت في معظمها من العناصر التي طافت على السطح فجأة، وهم في غالبيتهم أناس يعرفهم الأهالي من النكرات والمغمورين لكنهم الأكثر حيلة أو فهلوة في التعامل مع الوضع الجديد، والقصة ليست حصريا بالذين يلعبون في السياسة، بل اصبحت ظاهرة امتدت الى كل مفاصل الدولة واوجهها الأكاديمية وبازار الشهادات والعسكرية والامنية خاصة الرتب الممنوحة (الدمج) والاقتصادية وبالذات مكاتبها التابعة للاحزاب والكتل والميليشيات التي تمتص ثروات البلد وابنائه، ناهيك عن العصابات التي تهيمن على معظم الانشطة المالية والاقتصادية تحت مختلف التسميات والعناوين. ولغرض مصادرة او احتواء مؤسسات الدولة التشريعية والتنفيذية تم ترتيب الوضع الجديد الذي يعتمد على صناديق الاقتراع في الجلوس على كراسي الحكم بأذرع ميليشياوية لضمان السيطرة على الناخبين في عملية التحول من النظام الشمولي إلى النظام الجديد، حيث بدأت تلك القوى بتأسيس ميليشيات من الشرائح العاطلة عن العمل والمسطحة الوعي والمخدرة بشعارات طنانة باستخدامها كأدوات لإيصالها إلى دفة الحكم بشرعية الديمقراطية المفترضة، وكان هذا جلّياً في العراق، خاصةً في انتخابات 2018 التي تميزت بعمليات تزوير هائلة لم يعترض عليها أي حزب أو كتلة، بينما قامت الدنيا ولم تقعد حينما بدأت بواكير الوعي لدى الناخبين، خاصةً في مناطق حكم تلك القوى، حيث رفضت الغالبية من السكان رغم كل التأثيرات أن تمنحهم الشرعية والتي أثبتت فشلها في الحكم بكل أشكاله؛ ولذلك تراهم منذ ظهور نتائج الانتخابات التي كشفت جزءًا من حقيقتهم، يهددون بإسقاط أو إلغاء نتائج الانتخابات لأنها لم تلبي رغبتهم في البقاء على كراسي السلطة التي لم تنجح في تحويلهم إلى رجال دولة خلال أكثر من ثمانية عشر عاماً، ليبقى الطبع غالباً على التطبع في نظام الذي (ما شاف وشاف!؟).

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى