ما تواجهه الصناعة العراقية
ريسان الخزعلي
في العقود الزمنية التي سبقت عام 2003، كانت الصناعة العراقية تُسهم في دعم الموازنات السنوية للدولة بنسبة لا تقل عن معدل 20 %، إضافة إلى توفير رواتب الموظفين والعاملين وكل المتطلبات التشغيلية الأخرى، لاسيّما بعد أن تم تحويل المنشآت العامة إلى شركات عامة تُموّل نفسها ذاتيّاً.تعرّضت معظم مصانع الشركات خلال عامي 1991 و 2003 إلى التدمير والتخريب من جراء القصف المُعادي، وكذلك أعمال الحرق والسلب والنهب، وقد تراجعت الإمكانات الإنتاجية نتيجة تلك الأضرار، إلّا أنَّ جهوداً قد بُذلت في إعمار ما يمكن إعماره بما هو متاح بعد تخصيص مبالغ سنوية محدودة، وهكذا أصبحت بعض المصانع تعمل بطاقات متاحة عاملة، بعد أن غاب مفهوم الطاقات التعاقدية والتصميمية بسبب الدمار .إنَّ الكثير من المواد الأولية استيرادية المنشأ، مما يتطلب تخصيص مبالغ كبيرة بالعملة الصعبة، كما أن الطاقة الكهربائية لم تكن متوفرة بالحدود المطلوبة، وكذلك شحّ الغاز الطبيعي– الذي يدخل في الصناعات الكيمياوية والبترو كيمياوية، وفي موقف الموارد البشرية، أصبح تضخّم الملاكات متسارعاً خارج حدودها، بعد عودة تاركي العمل تحت عنوان الفصل السياسي، مما اسهمن في ارتفاع مبالغ الرواتب، التي أصبحت تُشكّل أكثر من 75 % من كُلف الإنتاج – في حين أنَّ الحد القياسي لها 30 % – مما يزيد من سعر المنتج الذي لم يَعُد يقوى على المنافسة مع المستورد الذي أغرق َ السوق بما يفوق حاجة الاستهلاك المحلّي بكثير ومن دون محددات الجودة والنوعية.إنَّ ما واجهته وتواجهه الصناعة العراقية بعد 2003 يتطلب جهوداً استثنائية وخبرات فنية/ اقتصادية مجرّبة لغرض وضع الدراسات والخطط الستراتيجية، التي تضمن الارتقاء من جديد بواقع الصناعة العراقية وجعله واقعاً عاملاً فاعلاً في اقتصاد الوطن. ورغم أنَّ الأمر يتطلب تخصيصات مالية كبيرة، قد يصعب توفيرها في ظل هذا الظرف المالي الحرج، إلّا أنًّ الكثير من الحلول ممكنة، ومنها ما يُتيحه قانون الشركات العامة النافذ، حيث إمكانيّة المشاركة مع الشركات العربية والأجنبية ذات الإختصاص المُشابه، وكذلك إشراك القطاع العراقي الخاص في العمل وفق عقود قصيرة أو طويلة الأمد، إضافة إلى تحويل بعض الشركات العامة إلى شركات مساهمة أو مختلطة، كما أنَّ تفعيل قانون الاستثمار النافذ يكتسب الأهمية الأولى في المعالجة، مع مراعاة المحافظة على حقوق العاملين في كل ِّ حل ٍ من هذه الحلول.