ما بعد السيول.. سيول
د. فاتح عبدالسلام
السيول التي ضربت أربيل وأوقعت خسائر بشرية وأخرى مادية كبيرة، سبق أن واجهت بلدات عراقية سيولاً مماثلة في السنوات السابقة. وهذه الاخطار مفتوحة الافاق بسبب التضاريس الطبيعية، وعدم وجود خطط مدروسة في التوسعة العمرانية، اذ توسعت الاحياء في ضواحي المدن بما جعل الأرياف تندمج بالبلدات الكبيرة. تحتاج المحافظات الى انعقاد مجالسها والتفكير الجدي بفرز لجان وقاية من الاحداث الطارئة كالفيضانات حرائق الغابات والاحراش والحقول وسواها، تبعاً لخصوصية كل محافظة. هذه الإجراءات نفترض وجودها منذ سنوات مع موازنات طوارئ خاصة بها. لا ننسى كارثة غرق العبارة في نهر دجلة مع أكثر من مائتين من الأهالي أمام عيون العالم حيث كانت قنوات تلفازية تنقل مشاهد الغرق مباشرة من دون ان تكون هناك اية إمكانات في المحافظة على انقاذ احد، وكان للشرطة النهرية زورق واحد. وقبل أيام كان الأهالي ينقلون مشاهد الغرق والسيول الجارفة بكاميرات الهاتف عبر الفيسبوك، من دون ان تكون هناك إمكانات لفعل شيء. نعلم ان دولا كبيرة تقف عاجزة امام الكوارث الطبيعية، لكن هناك دائماً انذار مبكر وتوقعات من اللجان المشرفة والإدارات الخاصة بالمدن، ينتج عنها ترحيل واخلاء مناطق سكنية لتقليل الخسائر، لكن التخطيط الاستراتيجي ينبغي ان يضع في حساباته بناء سدود وتوسيع أنابيب صرف المياه العامة، وهذا يحتاج الى مؤتمرات استباقية وسنوية لمراجعة تطورات الأوضاع العامة الخاصة بالكوارث والأوضاع المفاجئة. كما ان المسألة لا يمكن تركها على تقديرات جزئية من مجالس المحافظات والمدن وانما ينبغي ان تحتاط الدولة كلها لهذه الحوادث، وتضعها نصب عين الاهتمام في التشكيل الحكومي واستحداث الدوائر المتخصصة المعنية فضلاً عن المؤسسات. الأهم هو التوعية العامة واشراك أصحاب رؤوس الأموال من القطاع الخاص في اعمال إعادة اعمار المناطق المتأثرة بالسيول وتقديم النجدة للناس لاسيما الذين فقدوا سياراتهم وبيوتهم، من دون وجود شركات تأمين تغطي ذلك. والمثال على ذلك ما قاله محافظ أربيل بشأن ما يقرب من خمسة عشر مليون دولار مقدار الخسائر وطلبه من بغداد التدخل للتعويض، وهو مبلغ زهيد يمكن ان يتكفل به القطاع الخاص، للأفراد الذين تضخمت ثرواتهم بطريقة غريبة وخيالية من دون التزام ضريبي او اجتماعي حقيقي.