ما بعد الزلزال
محمد صالح البدراني
إن الزلزال هو طاقة متحررة نتيجة ضغط الصفائح على بعضها ولا تحدث بين الصفائح التي تحاول التباعد، ولعل أخف الزلازل هذا الذي يأتي من هذه الحركة، وقد بتنا نرى زلازل في الاقتصاد والصحة والسياسة والتغييرات البيئية، سنحاول هنا الحديث عن بعضها وعلاجها بيد أن هنالك عامل مشترك بين كل هذه الزلازل ومواجهتها، ألا وهو التخطيط والدراسة والاستعداد لها وقد يجعلها محض أحداث تغادر الذاكرة بعد حصول موجات منها.
زلزال الصفائح الأرضية والأفهاممن خلال التجربة القريبة والزلزال الذي حصل، رأينا حركة أفقية بدت كأننا نرى ما لا يصدق حدث ففوالق ظاهرة بشكل أفقي وما تمليه من مشاهد خصوصا وأننا نرى حركة تبدو وكأنه في اتجاه ثلاثي الأبعاد نستطيع القول معها أنها حركة على وتر هرم ممدد وصل التقدير لها من خلال المشاهدة ما بين 4-8 أمتار باتجاه أفقي وما أحدث صدعا عريضا نسبيا في اتجاه أفقي آخر، وعمق ومسافة الصدع طوليا.في الأحداث الكارثية كالزلازل تظهر عوال متعددة:
1- الخرافة والتي تخلط الصواب في الخطأ وربما تبعد أحد العوامل التي ينبغي دراستها مثل التي تحدث عنها فلكي أوربي نقلا عن فكرة أو نظرية فلكية كتبها عراقي، ودخل التنجيم بعلم الفلك والخزعبلات باحتمالية تأثير حركة الكواكب والمجرة ككل على القشرة الأرضية أو لبها.
2- وعلى ذكر اللب فان لب الأرض قد توقف عن الدوران الذي كان أسرع من دوران قشرتها وبنفس الاتجاه، ليتباطأ ويتوقف، وهنالك آراء تقول إن هذا يحدث كل عدد من العقود وهذا امر أيضا ينبغي التوسع فيه.
3- تظهر عيوب الجهاز المعرفي في الأمم ككل ومنها امتنا وقد ظهر بوضوح أن التدين الغريزي غالب على الدين وحقيقة الدين والدراسات القرآنية وعلومه، وان التدين الغريزي الذي كان يجعل الإنسان خاضعا لقوى مجهولة بدرجة من الخوف وتعاظم الخوف مع الكوارث التي تحدث نتيجة قوانين الطبيعة؛ هو ذاته التدين الذي يثير مسالة العقاب رغم أننا نجد أن من يدفن تحت الأنقاض هو إنسان متدين أيضا ومسالما.مما يمكن أن نستخلصه.
1- الخرافة ينبغي ألا تتحكم بعقلية المسلم، وان لا يكون رد الفعل عكسها أو نحوها عاطفيا بحيث ينسف الجانب العلمي المحتمل مما قد يعدل النظر في طبيعة الجاذبية والمغناطيسية وغيرها مما هي نظريات تفسر التكوين والحياة الأرضية، فالجاذبية تدخل قيمتها في الحسابات لكن ماهيتها ليست محددة، ومع حركة اللب وتوقفه لا نجد تأثيرا معلوما على الجاذبية، فهل من باس بإعادة النظر في الجاذبية وماهيتها.إن ما أميل له من تفسير هو أن هنالك تململ في اللب الأرضي لمعاودة الحركة، وربما سيكون بغير اتجاهه كما يتوقع البعض، وهذا ما يحدث الاضطراب الذي نراه في الزلازل والجفاف بفعل المغناطيسية والتي من المؤكد أنها تدرس (افترض هذا) بفعل حركة اللب.
2- السبب بالكارثة وقد اتضح جليا، انه جهوزية الأبنية لمواجهة مثل الزلزال الذي وقع إما في التصاميم أو القدم وهذا امر معروف للدولة حسبما ذكرت الصحف، فان رئيس البلاد أراد أن يعيد بناء هذه المناطق وفق نماذج بنيت فعلا وصمدت بينما انهار الذي قربها، لكن التجاذبات السياسية ـــ وفق المتناقل ــــــ حرضت الأهالي على الرفض والتقاضي وخسرت الحكومة بالقضاء إمكانية إحداث التغيير ولم يك ناتج المقاضاة فيما يبدو صائبا، من اجل هذا ولأن الهزات والزلازل تظهر حول العالم ككل، فلابد من تطوير في المواصفات الهندسية العامة بحيث تبنى الأبنية وهي تستطيع الصمود لأكبر من هذا الذي حصل.
3- الجهاز المعرفي الذي اثبت ضعفا في مواجهة الأحداث يحتاج إلى تغيير، خصوصا واننا نواجه زلزال آخر في خطورته، بما يظهر من أفكار سواء أفهام نحو الدين أو ما يرافق ذلك من اجتهادات لا تدل أن هنالك جهدا يبذل حتى في فهم معاني التدين والأديان وطريق فهم التعدد في هذه الأديان، ويبدو أن الأمر مدروسا لكن الجهاز المعرفي التحكم عندنا يتعامل مع هذه الأمور ليس بالحوار المطلوب المبني على أسس وإنما بالرفض العاطفي أمام تخطيط وعشوائية أمام تنظيم، وإحكام خطة أمام فوضى، ولا حظنا عالميا هذا الخلل في الأجهزة المعرفية حتى التي تقود الحداثة فلم توضح أفكارها بشكل جيد وأقلقت الناس في سوء الفهم ومازالت لان تصريحاتها لا تفسر مثلا أن احتجاجها على الأساليب الإجرائية في إقرار الشرعية والاستخدام لدواء كوقيد بينما تفهمه الناس أن الاحتجاجات على تأثيرات السلبية لهذا التلقيح، وهكذا في المياه والموارد والركض وراء الطوباوية والكلام الشعبوي والافتقار للحلول الإدارية والفنية العلمية.
مركز النجاة وإدارة الحياة بمنظومات عقلية الإبداعإننا بحاجة في كل هذا إلى مراكز دراسات وتأهيل وإدارة، مراكز طوارئ نخبوية متعددة المهام، هذه المراكز تجمع عصارة الكوادر ذوي القدرات والخبرات وتؤسس لقواعد بيانات وتقوم بدراسات لمعالجات استشرافية تسبق الكوارث، نحو ما ذكرنا من في التشييد والبناء للمساكن والسدود والطرق والجسور وكل ما يتعلق بحياة الإنسان، من ابتكار ودراسة معالجات تجنب الحروب، فضاءات تكامل لإدارة الموارد جميعها وتوزيعا بعدالة وإنتاج البدائل وتنسيقها ضمن إدارات تتجاوز الحدود السياسية وتهيمن على عوامل الجغرافية وتأثيرات العلوم، بما يستبق حدوث المجاعات والكوارث أو الشحة للموارد ببدائل تعد مسبقا ولا ينتظر حدوث ظرف تلك الكوارث، فالنخبة هذه سواء كانت محلية أو عابرة للحدود فهي ستكون مشعة على البشرية بمخرجات منظومتها.