ما بعد البوهيمية .. تجاوز خدعة معنى الوجود
خضير طاهر
اذا كانت البوهيمية تستبطن البحث عن المعنى من خلال التمرد على أسس حياة المجتمع التقليدية ، والأطر المفاهيمية السائدة .. فإن مابعد البوهيمية هي الإنتقال من العبث الهادف من أجل معنى آخر مغاير عن السائد الى إدراك الحقيقة ومغادرة سجون إسطبل الحياة ، وتحطيم سلسلة النظم والتبريرات والتسويغات لهذا الوجود ، والتحول الى السير في صحراء التيه والضياع ، هذه الحقيقة التي نهرب منها بخدع العقل الذي يوهمنا بوجود المعنى !البوهيمية ليست حلاً ، وإذا دققنا النظر فيها قد نصطدم بأنها أحد أعراض الإكتئاب النفسي الذي أضفى عليه البعض معاني فنية وفلسفية ، مثلما أضفى البشر معاني الحرص والدفاع عن المصالح على أعراض المشاعر العدوانية ودفعهم الى التفنن في صناعة الأسلحة وإشعال الحروب ، ثم تبريرها ! ماهو الحل ؟.. فيما يخص الفكر والمشاعر والسلوك .. يفضل ان يكون الحل وفق معيار تقليل الضرر إذا أردنا تجنب الوقوع في أوهام الحصول على الأجوبة الكاملة والظفر بالحقيقة المطلقة ، علينا إجراء تسويات حسب الفروق الفردية ، ومقدار الحاجة للأوهام كي تستمر الحياة .لكن ماذا لو قبلنا العيش بسلام وسط القطيع البشري ، وفي نفس الوقت ننفصل عنه ليس بمعنى الإغتراب ، وانما بمعنى التجاوز والإهمال وتمضية أيام العمر ونحن في حقيقة وجودنا الخالي من المعنى ونتعايش مع هذه الورطة في سبيل تقليل الضرر ننتظر مجيء الموت ؟!