ماض سيء من تجارب متصدعة
د. فاتح عبدالسلام
تأخر العراق كثيراً عن الالتحاق بالعمل الاستثماري العربي المشترك، وغاص في مشاكله وتقوقعاته السياسية الداخلية التي طالما اتسمت بالتخلف والجهل والعُقد والتبعية في طوال ما يقرب من ثماني عشرة سنة، من عمر البلد الجديد ، قبل أن توافيه الفرصة في تنسيق عالي المستوى مع الاردن ومصر، وكنا نتمنى لو انّ سوريا معافاة وانضمت لعمل اقتصادي كبير تتبناه الدول الثلاث من اجل ادامة اقتصادياتها بالاستناد الى الامكانات العربية المتاحة من دون الاعتماد على المعونات الخارجية التي طالما أثقلت بلداننا بالديون والقيود والمشاكل .الفرص التاريخية لعمل عربي مشترك باتت قليلة منذ عقود بعد التمزق الذي ضرب كل كيان الامة منذ حرب غزو الكويت وما تبعها من انقسامات وتجاذبات اضيفت الى جراح نازفة أصلاً كانت ظاهرة على الجسد العربي في المشرق او الخليج أو دولهِ المغاربية.يجب ان تكون الاتفاقات الثلاثية المقبلة في اطار مواثيق راسخة لا تتأثر بتغير الحكومات، واقصد هنا العراق، الذي لا تزال تتحرك فيه تيارات ذات ولاء معاد للتقارب العربي ولصالح ابقاء اليد الايرانية الاقتصادية هي الاعلى . وهنا يجب التذكير بأن العلاقات الاقتصادية الناضجة هي كفيل مناسب لتفادي الحروب، وان تطوير العلاقات مع ايران يجب ان يخضع لمراجعة متأنية مبنية على اساس المصلحة العراقية أولاً، بما يعزز الانفتاح العراقي على الجناح العربي ويتكامل معه. كما ان التنسيق الثلاثي بين العراق ومصر والاردن سيعود بالفائدة لمد جسور جديدة للبلدان الثلاثة مع ايران ذاتها، وبدرجة اقل مع تركيا.كان للعراق ماض سيء من التنسيق والتضامن والمشاريع العربية التي اجهضتها طفرات غير محسوبة بالمواقف السياسية ، ولأنّ تلك المظاهر المشتركة كانت غير راسخة الجذور في بنيتها التحية واقتصرت على اجتماعات صاخبة للزعماء فقط، كما كان في اعلان مجلس التعاون العربي بين العراق ومصر والاردن واليمن قبل اكثر من ثلاثة عقود ، فقد شهدنا تصدعات سريعة وهائلة .هناك فرصة وأمل لصنع أفق جديد من عمل مجدٍ له صدى في واقع معيشة الانسان العربي في ثلاث دول ، ويجب أن نحمي الفرصة من الضياع.