( ماذا تحقق للعراق ) بعد الإطاحة بنظام صدام حسين ؟
كتب : د . خالد القره غولي
أخجل ان اقول السلام عليكم .. لانني نسيت السلام !! السلامُ يُقرؤكم السلام ابدأ بما لم يبدأ به غيري من الكتاب العراقيون اولاً والعرب اولاً ؟ الكثيرون في هذا العالم ، كانوا يعتقدون أن محنة العراق ستنتهي بمجرد الإطاحة بالنظام العراقي السابق ، ونظام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين وسيتحول البلد إلى واحة من الرخاء تغري ملايين العراقيين الذين يعيشون في الخارج بالعودة مع أسرهم للتمتع بثروات البلاد واستقرارها واحترام حقوق الإنسان ، ولكن ما حدث هو العكس تماما ، وشاهدنا العراقيين يهربون بالملايين إلى دول الجوار ، ويصطفون في طوابير طويلة أمام مكاتب الأمم المتحدة أو قنصليات الدول الأوروبية والأمريكية بحثا عن تصريح باللجوء هرباً من الاضطهاد أو العنف الطائفي والحكومة العراقية الحالية تجلس حاليا على جبل هائل من الأموال ، حيث قدرت عوائد النفط العراقي بحوالي ( 189) مليار دولار في العام الواحد وأن الفائض في الميزانية يبلغ ( 84 ) مليار دولار ، إما رصيد الحكومة في بنوك أمريكا وأوروبا فيبلغ حاليا ( 98 ) مليار دولار , أرقام مرعبة ، ومــــع ذلك لا تخلو التحقــيقات والتقارير الإخبارية تتحدث عن أطفال يتسولون لقمة الخبز في شوارع بغداد والمحافظات العراقية الأخرى حتى الشمالية منها ولا يزيد عمر بعضهم عن ثلاثة أعوام ، يركضون خلف المارة والسيارات في ظروف مناخية ملتهبة بل أن عائلات كثيرة تقف اليوم أمام مكاتب الرعاية الاجتماعية للحصول على إعانات منذ تسعة عشرة سنة ، وقد بدا عليهم البؤس والفقر والعوز والمرض ، وهي إعانة لم تصرف لهم منذ أربعة أشهر , لا نعتقد إن قطط الحكومة السمان التي تنعم برفاهية المنطقة الخضراء ومستشفياتها ومطاعمها وقصورها المكيفة ، تشعر أو تتعاطف مع هؤلاء الفقراء المحرومين ، ومعظمهم جاء من المنافي ، واغرق في الوعود بالانحياز إلى الفقراء وتحويل العراق إلى جمهورية البطالة والخوف , جميع الشعوب النفطية في الخليج أو المغرب العربي تتنعم بثرواتها النفطية ، والعوائد الضخمة التي تتدفق على خزائن حكوماتهم سنويا ، باستثناء الشعب العراقي أو غالبيته المسحوقة ، التي لا تجد لقمة الخبز أو علبة الدواء ، ناهيك عن الأمن والأمان المفقودين ، سواء بسبب العصابات الإجرامية المسلحة أو القتل على أيدي الميليشيات الطائفية أو مرتزقة إيران .العراق يتعرض إلى اكبر عملية نهب في التاريخ الحديث ، ومن قبل بعض اللصوص الذين عادوا إليه مع قوات الاحتلال , وتكفي الإشارة إلى ما ذكره برنامج وكشف بالأرقام والوثائق الرسمية عن سرقة مليارات الدولارات من عوائد البلاد النفطية من قبل هؤلاء ، واثبت إن العراق هو أكثر بلدان العالم فسادا في الوقت الراهن ,إما آثار هذا الفساد فنراها واضحة في أبراج وودائع فلكية في مدينة دبي ، وشقق ومنازل باذخة في لندن وباريس وبراغ وعواصم أوروبية أخرى ، كلها مملوكة لأشخاص من رجالات العراق الجديد كانوا يعيشون على الضمان الاجتماعي أو مساعدات الفقراء في أوربا ، وكأن هؤلاء أرادوا إن ينتقموا من الشعب العراقي بإفقاره وسرقة ثرواته , فالقانون غائب ، والشفافية معدومة ، وهل يعقل ان يحاسب اللصوص اللصوص، وما هو أدهى وأمر أن أي شخص ينتقد هذا الوضع الفاسد الذي يجوع شعباً كريماً عريقاً أبياً ، يتهم فورا بأنه من إرهابي أو من مؤيدي النظام السابق ، من قبل أناس حولوا العراق كله إلى مقبرة جماعية , الشعب العراقي تعرض إلى اكبر خديعة في تاريخه عندما صدق هؤلاء الذين أتوا إليه بالخراب ، والدمار ، والفساد ، والقتل ، تحت شعارات الديمقراطية والرخاء والأمان ليجد نفسه بعد تسعة عشرة سنة أكثر شعوب المنطقة بؤسا وحرمانا , الإدارة الأمريكية مارست ضغوطا ضخمة على دول الخليج لإلغاء ديون العراق , وكانت دولة الإمارات العربية المتحدة أول دولة تستجيب لهذه الضغوط ، بينما ما زالت دول أخرى مثل الكويت والمملكة العربية السعودية تدرس هذه الخطوة , والسؤال المطروح هو عن مبررات إلغاء هذه الديون لدولة تجلس على فوائض مالية هائلة ، وتنفق اقل من أربعة مليارات دولار في الفترة من 2005 إلى 2007 على مشاريع إعادة الأعمار التي من المفترض أن يستفيد منها الشعب العراقي، وظائف ومستشفيات ومدارس وإمدادات ماء وكهرباء فحكومة لا تهتم بمواطنيها في الداخل أو في الخارج ، وينحصر اهتمامها في توظيف أقارب المسؤولين فيها ، والإغداق عليهم بالمنح وبدلات السفر ، وتدفع رواتب عالية لعشرات الآلاف من المحسوبين عليها الذين فضلوا العودة إلى منافيهم السابقة ولكن ليس كلاجئين ، وإنما كموظفين كبار ، بدرجات ورتب عالية ، وامتيازات مالية ضخمة لا يحلم بنصفها أمثالهم من رعايا الدول الخليجية , الشعب العراقي يجب إن يحاكم هؤلاء اللصوص ، وكل من أهدر ثرواته ، وأساء استخدام السلطة ، مثلما عليه إن يحاكم أيضا الذين ارتكبوا المجازر الجماعية الجديدة وبرزوا كل من سبقوهم في التعذيب والقتل على الهوية ، تحت حجج وذرائع مختلفة , فعندما يلجأ أطفال العراق إلى التسول ، تحت شمس الصيف الحارقة ، بحثا عن لقمة خبز ، فهذه ظاهرة لم يعرفها هذا البلد الكريم الشهم حتى في زمن الحصار الأمريكي الظالم الذي امتد لأكثر من ثلاثة عشر عاما ، ومن شاهد هؤلاء الأطفال وأسرهم فانه يدرك احد جوانب مأساة العراق مع حكامه ومحتليه الجدد معاً .. ولله – الآمر