ماذا بعد فوز رئيسي؟
ماذا بعد فوز رئيسي؟ – منقذ داغر
على الرغم من عدم ظهور نتائج الانتخابات الايرانية التي اغلقت صناديقها فجر اليوم،في سابقة لم نعهدها،بسبب انخفاض معدل الاقبال على الانتخاب،الا ان رجل الدين المتشدد(رئيسي) هو القادم ما لم تحصل معجزة! وتتباين الاراء عندنا وتكثر التساؤلات عن انعكاس ذلك على نفوذ ايران في العراق! فالمعارضون لهذا النفوذ الذي يعدونه انتقاص لسيادة العراق يرون في رئيسي مصيبة كبرى ستحل بالعراق بخاصة وانهم يتوقعون منه مزيد من الدعم للفصائل الولائية واطلاق يدها(المطلقة اساسا)في العراق. أما الولائيون والقريبين من محور ايران الثورة فلا شك انهم فرحون بانتصار ايران الثورة على ايران الدولة وينتظرون مزيد من الصلاحيات والادوار لهم في المستقبل.أعتقد ان كلا الاتجاهين ممكنان،لكني ارجح اتجاهاً ثالثاً اعتقده اقرب للحدوث. هناك حقيقة يعرفها من عمل بالسياسة عبر التاريخ وهي ان الوصول لاتفاقات استراتيجية وصعبة لا تجري الا مع قادة أقوياء ورائهم رأي سياسي موحد اوعل الأقل غير معارِض! آية الله رئيسي يتمتع بهذه الميزة التي لم تتح لاسلافه بعد رفسنجاني. فهو من جهة خيار المرشد وخليفته المحتمل.كما أنه يتمتع بسمات الصرامة في شخصيته،وهو لا يمكن التشكيك في ولاءه لا للمرشد ولا لحرس الثورة لانه ابن الجناح المتشدد. كما ان جناح ايران الدولة يدرك(حاليا على الاقل) انه لا يستطيع تحدى الواقع الحالي بعد رئيسي لانه سيكون مهدد وجوديا ،كما حصل للمرشحين الاصلاحيين! مثل هذا الرئيس الذي يتوقع ان يضع يديه على الجناحين المتصارعين(الدولة مقابل الثورة) واللذَين طفت اصداء معاركهما على السطح خلال السنتين الاخيرتين،يدرك الوضع الاقتصادي السيء وشبه المنهار لايران. كما ان نسبة المقاطعة العالية للانتخابات عززت لديه القناعة ان الثورة الايرانية تعيش اوقاتا جماهيريةً صعبة ومتوترة.الاتفاق الجديدولا يلوح اي مخرج في الافق حاليا سوى الاتفاق مع امريكا والقوى الغربية. وعلى الرغم مما يشاع من ان الاتفاق الجديد سوف لن يختلف في مضمونه عن السابق فأن العارفين بالامور يدركون انه لا يمكن لامريكا وحتى اوربا العودة للاتفاق السابق بدون ضمانات حقيقية وموثقة عن تعديل سلوك ايران في المنطقة وبضمنها العراق. ان ما كان يعيق الاتفاق خلال الاشهر الماضية هو ليس فقط التفاصيل الفنية كما يشاع ولكن قدرة المفاوِض الايراني على تلبية مطالب الغرب الاضافية. هذه القدرة كانت مكبلة بعدم رغبة المتشددين باعطاء نصر حقيقي (الاتفاق الذي ينتظره كل الايرانيين بفارغ الصبر) لروحاني وفريقه المفاوض. كما انها كانت مكبلة بفجوة الثقة بين جناح الثورة والدولة! هذا الوضع سينقلب الان بعد ان يصبح الوفد المفاوض ومؤسسات الدولة تحت قيادة رئيسي الذي هو اصلا من مؤسسة الثورة. ولأن الأقوياء هم فقط من يمكنهم ابرام الاتفاقات الصعبة فان من المرجح ان نشهد اتفاقا قريبا بين ايران والغرب وسيكون ضمن ذلك اتفاق على السلوك الايراني في المنطقة. صحيح انه سوف لن تسحب ايران كل اذرعها ولن تنفك عن التدخل في شؤون الاخرين،لكنها ستفعل ذلك بشكل اقل استفزازا بكثير وستضبط ايقاع اذرعها على ايقاع مصالحها كدولة وليس كثورة. اعتقد اننا سنكون ازاء حالة ذكرتُها في دراسة نشرت في مركز الدراسات الاستراتيجية بواشنطن قبل سنة تقريبا،مشابهة لحقبة التسعينات حيث انكفئت ايران على تقوية اقتصادها ومعالجة الخلل والاعطال التي كانت تقيد انطلاقها اقليميا.الخلاصة،ان المنطقة ككل ومنها العراق سيشهد استقرارا نسبيا افضل من ناحية التدخلات الايرانية وضبط ايقاعها. واذا كان ما زال هناك من عقلاء داخل العملية السياسية فاعتقد انه ستتوفر لهم فرصة افضل للتـــركيز على مطالب الداخل العراقي وشباب تشرين. تشرين ومطالب العراقيين العاديين لا مطالب ايران ولا امريكا او اي مــن دول المنطقة ستكون هي الحاكم المقبل للعراق. سيتفق الجميع ويبقى على العراقيين ان يتفقوا!