مائة وعشرون مليار دولار
د. فاتح عبدالسلام
كم لنا في العراق من حاجة مُلحة لعقد مثل هذا المؤتمر الاقتصادي النوعي الصريح الذي اقيم في مصر بإشراف مباشر من الرئيس عبد الفتاح السيسي ومشاركة جميع قيادات التشكيلات الوزارية والهيئات الحكومية والخاصة ذات العلاقة. جرت في هذا المؤتمر نقاشات صريحة بشأن مختلف الفعاليات المالية والصناعية والاستثمارية والنفطية والإنتاجية على نحو خاص، بما يضع المصريين جميعا أمام كمية المنجز وظروفه وجدواه في خلال السنوات الخمس الاخيرة بشكل محدد.
وكان السيسي واضحا في بسط المنافع المتحققة من جراء قرارات نوعية سبق أن لاقت تشكيكاً وجدلاً سياسياً محلياً ودولياً، ومنهااتفاقيات ترسيم الحدود البحرية بين مصر وكل من المملكة العربية السعودية (في البحر الأحمر)، وقبرص واليونان (في البحر المتوسط)، كاشفا عن مفاجأة في ان تلك الاتفاقيات وفّرت لمصر120 مليار دولار سنوياً لتشغيل محطات الكهرباء. وقال الرئيس المصري: لولا ترسيم الحدود البحرية ما تمكنت شركات التنقيب من العمل في هذه المناطق. : «حين توصلنا لاتفاقية ترسيم الحدود البحرية تعرضنا لهجوم».وتحّدث كيف خاضت بلاده مفاوضات مع الشركة الإيطالية لاستخراج الغاز في وقت قياسي وقال: «إن فضل الله علينا كان عظيماً باكتشاف حقل ظُهر (للغاز الطبيعي)، ولولاه لكانت مصر مظلمة.في العراق حقول غاز واموال وخبرات علمية وهندسية ودعم دولي، ولكن هناك في المقابل أيضا غياب لخطة الاستثمارات الوطنية الاستراتيجية مع دول الجوار، وكذلك هناك استيراد بالمليارات للغاز من إيران لتشغيل معظم محطات توليد الطاقة الكهربائية، وكان بالإمكان ان يمول العراق بنفسه مشاريع الكهرباء، بناءا وخبرات واستثمارات وانتاجا أيضا، لولا ما ارتكبته الحكومات المتعاقبة من خيانات بحق الشعب وثرواته ومستقبله، فما حدث ليس اخطاءً في سياسات وانما خطايا متعمدة تستحق التجريم فيما لو كانت هناك قوانين ورعاة لها بمستوى المسؤولية الوطنية.الأردن، الجار الفقير في الموارد الطبيعية، له انتاج للطاقة الكهربائية تفوق حاجته ويقوم بالتصدير، وذلك يرجع الى وحدة القرار السياسي الوطني وحسن إدارة الاستثمارات الأجنبية
.هناك تحقيق في العراق في سرقة مليارين ونصف المليار من الدولارات وقبلها تبددت مليارات لا أحد يحقق فيها، وهذا يجعلنياعود لأذكر بالرقم الذي أعلنه السيسي وهو مئة وعشرون مليار دولار، أي بما يتفوق على قيمة الاحتياطي النقدي من العملات الصعبة في البنك المركزي العراقي، وهذا مجال انتاجي واحد في مصر التي تسعى لترسيخ قاعدتها الصناعية والإنتاجية، وتراقب ذلك في مؤتمرات على مستوى عال مثل هذا المؤتمر الأخير لكي يكون كل شيء واضحا من حيث الحقوق والواجبات والإمكانات والجهود، تحت شمس البلاد.