مؤتمر بغداد.. والتفاؤل
مؤتمر بغداد.. والتفاؤل _ د. فاتح عبدالسلام
من الصعب بالمعنى السياسي والاجرائي النظر الى مؤتمر بغداد لدول الجوار بوصفه انتقالة نوعية بين زمنين أو حقبتين، ما قبل المؤتمر وما بعده. ذلك انّ الحدود الفاصلة للانتقالات التاريخية من حال الى حال لم تعد متوافرة في ظل المعطيات المتداخلة لأحوال المحيط الإقليمي. لكن بإمكان المؤتمر أن يوصل تفاصيل أكثر دقة حول الوضع العراقي وما تشعر به بغداد إزاء الوضع المضطرب المحيط بها، كما يمكن للمؤتمر أن يكون قنطرة تصل بين الأطراف المتقاربة في المحيط الجغرافي والمتباعدة في الرؤى والمواقف. بالمحصلة، فإنَّ الثقل الأساس للمؤتمر ينبغي ان ينصب على اقتناع الاخرين بأنّ العراق له خياراته الخاصة التي لا ينبغي أن تجرّه الدول الاخرى مُكرها الى خيارات تخصها وتصب في منفعتها. وهذا امر شبه مستحيل التحقيق، فلا تزال الفصائل الولائية تنفذ من دون الرجوع الى الحكومة العراقية اية مهمة تناط لها في سوريا او اليمن او أي مكان آخر. وذلك أمر معلن وليس سراً مخفياً على احد، ولا يمكن ان تكون مظلة الحشد الشعبي مناسبة له، لأنّه قتال خارج الحدود، والحشد مؤسسة حكومة، واشتراكه في عمليات حربية بالخارج يعني مشاركة رسمية للعراق في حروب خارجية ، من وجهة النظر القانونية والسياسية ايضاً . بعض الأمور المهمة، تحتاج الى إعادة ترتيب البيت العراقي قبل البحث في ترتيب بيوت الجيران وجعلها متسقة مع بيتنا الداخلي. لا يوجد عوامل حاسمة ترجح إمكانية التفاؤل بإحراز انتصارات سياسية ومعنوية في هذا المؤتمر، بل لعل مؤتمر التنسيق بين العراق ومصر والأردن، كان أكثر جدوى كونه يناقش الإجراءات الاقتصادية الملحة التي ترتبط بتنسيق سياسي وامني بالضرورة بين البلدان الثلاثة. وبرغم ذلك علينا ان نتفاءل.