مؤتمر استرداد الأموال المنهوبة
حميد طارش
ينعقد مؤتمر استرداد الاموال المنهوبة في بغداد من قبل وزارة العدل العراقية ومجلس وزراء العدل العرب، لبحث مشكلة نهب المال العام وتهريبه للخارج، ويذكر أن اغلب الدول العربية تعاني من نهب المال العام، خاصة تلك الدول التي شهدت تغييراً في نظام الحكم ومن ثم مرحلة انتقاليةحيث تعرضت لتلك الجريمة في ظل الحكم السابق والانتقالي، وغالباً ما تنتقم رموز الحكم السابق بسرقة أموال الخزينة العامة لتضاف الى {أرصدة} فسادهم السابق، وهكذا تنتقل عدوى الفساد الى ساسة المرحلة اللاحقة، ولعل البعض منهم برر أو شجع الامر بوصفه موردا مالياً لبناء الكيان السياسي!ولتمكينه من الفوز في اللعبة الانتخابية!أو لتمويل موازنته، فضلاً عن النهب الشخصي ولذلك شُرعن وأُسس للفساد بصور متعددة وتشير احصائيات الجهات المختصة في العراق الى ارقام مخيفة تصل الى {350 – 500} مليار دولار للمدة ما بعد عام 2003 وأما ما قبل ذلك العام فلا توجد أية أرقام دقيقة لحجم الاموال المنهوبة، لذلك قامت الامم المتحدة بتدويل قضية الفساد المالي باعتماد اتفاقية لمكافحة الفساد، بل ودعا البعض من المختصين الى تشكيل تحالف دولي لمكافحة الفساد المالي على غرار التحالف الدولي لمكافحة الارهاب، وقد ألزمت الاتفاقية المذكورة الدول الاطراف بمكافحة الفساد واعادة الاموال المنهوبة وتعويض المتضررين جراء ذلك، وطلبت من المصارف التخفيف من سرية عملائها في ما يتعلق بتهم الفساد، كما ألزمت تلك الدول بمواءمة تشريعاتها الداخلية مع الاتفاقية، وأما على المستوى الداخلي للدول، فتعدد الأجهزة الرقابية، ففي العراق على سبيل المثال توجد هيئة النزاهة وديوان الرقابة المالية وجهاز الادعاء العام.وهنا يبرز السؤال الاهم لماذا لم يحد من الفساد المالي وجود التشريعات والاجهزة الرقابية والعمل الدولي؟والجواب يكمن في ثلاثة اسباب، الاول، العامل السياسي وهو غياب الارادة السياسية لمكافحة الفساد، والثاني، العامل القانوني المتمثل بصعوبة الاثبات وتحصيل الادلة بسبب الغطاء الشرعي للجريمة أو نفوذ مرتكبيها، والثالث، العامل الدولي الذي يتمثل بقيود سيادة الدول، التي تمنع استمرار تعقّب الاموال المهربة والمتهمين بتلك الجريمة، فضلاً عن غياب آليات فعالة في التعاون الدولي لضمان استردادها، كما إن معيار سرية عملاء المصارف يشكل عائقاً في ذلك. اذن ما نحتاجه من المؤتمر هو العمل الكفيل بمعالجة تلك الاسباب.