ليلة بايدن أميركا والديمقراطية الصعبة
علي حسن الفواز
مع الاعلان المرتقب لانتخاب جو بايدن رئيسا للولايات المتحدة الاميركية تتكشف كثير من التعقيدات التي تواجه المسار الديمقراطي، فالمشهد الانتخابي بدا صعبا، ومعقدا ومفتوحا على مماحكات قانونية وسياسية وشعبوية، والتي يدعي الديمقراطيون والجمهوريون بوجود تزوير يشوب عملية عدِّ الاصوات في بعض الولايات، وأنّ هناك مَنْ يريد أن يسرق اصوات ناخبيها، وهي شكاوى لا تختلف فيها اميركا عن دول الموز اللاتيني، ولا عن دول الماس الافريقي، حيث تكون الديمقراطية قرينة بالقوة والعنف والسوق والتدخلات الخارجية.
التنافس التاريخي بين الحزبين الكبيرين في الولايات المتحدة، امتدّ ليكون تنافسا في الشارع، والى صراع داخل المدن والمقاطعات، حيث بدت التجمعات المؤيدة لهذا الطرف أو ذاك ترفع شعارات تميل الى العنف والكراهية، رغم أن جوهر الخلاف يدور حول سياسات داخلية تخصّ الجندر والعسكرة والاقتصاد والمزاج الشعبي، مثلما تخصّ السياسات الكبرى والاتفاقات التي اخلّت بها ادارة الرئيس الجمهوري دونالد ترامب، وخرجت منها، رافضةً اية التزامات دولية شاركت في اقرارها، ومنها اتفاقية المناخ، واتفاقية التجارة العالمية، والاتفاق النووي مع ايران، وكذلك الخروج من منظمة الصحة العالمية.
ما يجري اليوم في الشارع الانتخابي الاميركي يعكس واقعا معقدا، على مستوى القبول بالنتائج، وبالقوانين المحلية أو الفيدرالية التي تحكم الاليات الديمقراطية، أو على مستوى الخشية من تحريك الجمهور نحو اعمال عنف او اصطدام بين مؤيدي الحزبين، أو على مستوى اللجوء الى المحكمة الفيدرالية الاميركية، وهو خيار يضع علامات استفهام كثيرة حول قدرة الديمقراطية الاميركية على ادارة نفسها بعيدا عن الادعاءات التي يطرحها الرئيس الحالي، أو ما يثيره منافسه الديمقراطي جو بايدن.
ما يتبدى في المشهد الاميركي يكشف عن صعوبات في الواقع السياسي والاقتصادي والامني، بسبب تأثر الشارع الاميركي بتداعيات جائحة كورونا.
والتي دفعت نحو “الانتخاب البريدي” مثار الشكوك، أو بسبب الازمات الاقتصادية التي يواجهها العالم، فضلا عن الازمات الداخلية بعد احداث العنف العنصري في عدد من الولايات المتحدة، وهي اسباب انعكست على السوق وعلى الديمقراطية ذاتها، ودعت بعض الدول الاوروبية الى تقديم النصائح للرئيس ومنافسه بضرورة ضبط النفس والاحتكام الى قيم الديمقراطية، وهي نصائح تعودت اميركا ان تقدمها للعالم، أو انها تتهم هذه الدولة او تلك بالتدخل الرقمي او السياسي، أو التلصص على اسرار البيت الاميركي.