مقالات
لم تعد( الفزعة) تنجدنا
فاتح عبد السلام
العراق ليس محاصراً من العالم الخارجي كما كان قبل ثماني عشرة سنة، لكنه محاصر من عالمه الداخلي المختلط بالفساد وتجاذب سياسي وأمني للقوى المحلية بما يتجاوز على الخطوط الحمر كثيراً، واقصد بها هنا ثوابت الوطن في السيادة والاستقرار والدستور. وبالنتيجة فإنّ العراق مبتلى بحصار أخطر يكتم الطاقات التي تسعى لتحرير بلدها مما ابتليت به وفتح آفاق جديدة. في ضوء ذلك، من قلة الحيلة وضيق ذات اليد والاحراج الذي يصيب العلاقات العراقية الامريكية، يمكن النظر بإيجابية عالية لخطوة الحكومة العراقية في الانتفاح على حلف الناتو كبديل مرحلي في المستقبل القريب المنظور، لتقديم الدعم العسكري والاستخباراتي والجوي واللوجستي للعراق الذي تنفتح حدوده الخارجية على أكثر من واجهة ولا أقول جبهة ساخنة. لكن النظرة الإيجابية لا تكتسب حقيقتها إلا إذا توافر هذا التعاون المنشود على إعادة النظر في بناء الجيش والقوات الأمنية بحسب تخصصات كفيلة بتحقيق الدفاع الكامل عن الحدود من دون مساعدة تداخلية كبيرة وواضحة من اية دولة. لقد أضعنا السنوات الثماني عشرة في بناء جميع التشكيلات الانقسامية والظرفية والدمجية والناقصة والمختلة والاقطاعية النفوذية، ولم نول الجيش الحصة التي يستحقها من الاهتمام بوصفه الركن الاستراتيجي الذي يقوم عليه الامن والاستقرار ولا يتأثر بالقيل والقال السياسي والطائفي والتشرذمي والولائي الخارجي. يجب ان تكون اية علاقة دولية للعراق، ومن أي مستوى كان، مرتبطةً بتأسيس استراتيجي بعيد المدى في بلدنا، وليس عملاً يشبه الفزعة بالمفهوم الشعبي العراقي، لتجاوز أزمة أو ظرف طارئ .