مقالات

لغة جديدة ومواقف متقلبة

لغة جديدة ومواقف متقلبةد. فاتح عبدالسلام

أوضاع‭ ‬أفغانستان‭ ‬ستبقى‭ ‬في‭ ‬قلب‭ ‬الاهتمام‭ ‬الدولي‭ ‬الى‭ ‬مدى‭ ‬بعيد،‭ ‬وستكون‭ ‬المواقف‭ ‬الدولية‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬التبدل‭ ‬والتغيير‭ ‬بحسب‭ ‬التطورات‭ ‬الأفغانية‭ ‬الداخلية،‭ ‬واهمها‭ ‬قضية‭ ‬تشكيل‭ ‬الحكومة‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬تخضع‭ ‬لمفهوم‭ ‬ملتبس‭ ‬عند‭ ‬قياسه‭ ‬برؤية‭ ‬حركة‭ ‬طالبان‭ ‬ذات‭ ‬الحدود‭ ‬الصارمة،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬انَّ‭ ‬إشارات‭ ‬بشأن‭ ‬مداولات‭ ‬ومشاورات‭ ‬سياسية‭ ‬تجريها‭ ‬الحركة‭ ‬في‭ ‬كابول‭ ‬من‭ ‬اجل‭ ‬قيام‭ ‬حكومة‭ ‬شاملة،‭ ‬انّما‭ ‬هي‭ ‬لغة‭ ‬جديدة،‭ ‬لم‭ ‬تخضع‭ ‬لامتحان‭ ‬الواقع،‭ ‬وتحتاج‭ ‬الى‭ ‬فك‭ ‬هذا‭ ‬التشفير‭ ‬الذي‭ ‬تتوافر‭ ‬عليه‭ ‬جملتا‭ “‬مشاورات‭ ‬سياسية‭” ‬و‭”‬حكومة‭ ‬شاملة‭”. ‬لكن‭ ‬هناك‭ ‬دلالة‭ ‬معنوية‭ ‬اخرى‭ ‬باعلان‭ ‬ان‭ ‬لا‭ ‬حكومة‭ ‬قبل‭ ‬انسحاب‭ ‬آخر‭ ‬جندي‭ ‬امريكي‭.‬مع‭ ‬مَنْ‭ ‬ستكون‭ ‬المشاورات‭ ‬السياسية،‭ ‬وهل‭ ‬افرزت‭ ‬تطورات‭ ‬مخاض‭ ‬حركة‭ ‬طالبان‭ ‬في‭ ‬عشرين‭ ‬سنة‭ ‬ما‭ ‬يحتمل‭ ‬المعنى‭ ‬السياسي‭ ‬بعيداً‭ ‬عن‭ ‬ثوابت‭ ‬عقائدية‭ ‬في‭ ‬القاموس‭ ‬الخاص‭ ‬لطالبان؟‭ ‬‭ ‬عبدالغني‭ ‬بردار‭ ‬الذي‭ ‬قاد‭ ‬مفاوضات‭ ‬طالبان‭ ‬مع‭ ‬الجانب‭ ‬الأمريكي‭ ‬وانتهت‭ ‬بالانسحاب‭ ‬المشهود‭ ‬اليوم،‭ ‬هو‭ ‬رئيس‭ ‬ما‭ ‬يسمى‭ “‬المكتب‭ ‬السياسي‭”‬،‭ ‬ذلك‭ ‬المنصب‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬ضمن‭ ‬الهيكل‭ ‬التنظيمي‭ ‬للحركة‭ ‬قبل‭ ‬الشروع‭ ‬في‭ ‬الاتصالات‭ ‬مع‭ ‬واشنطن‭ ‬التي‭ ‬سبقت‭ ‬المفاوضات‭ ‬المباشرة،‭ ‬وهذا‭ ‬الرجل‭ ‬الذي‭ ‬يشغل‭ ‬التسلسل‭ ‬الثاني‭ ‬في‭ ‬قيادة‭ ‬الحركة‭ ‬على‭ ‬دراية‭ ‬واسعة‭ ‬بالرؤية‭ ‬الامريكية‭ ‬والمطالب‭ ‬الدولية‭ ‬من‭ ‬الحركة‭ ‬قبل‭ ‬ان‭ ‬يُمهد‭ ‬لها‭ ‬الطريق‭ ‬للوصول‭ ‬الى‭ ‬الحكم‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬في‭ ‬كابول،‭ ‬لذلك‭ ‬نرى‭ ‬هناك‭ ‬علاقات‭ ‬وثيقة‭ ‬بين‭ ‬تصريحات‭ ‬بردار‭ ‬حول‭ ‬التشاور‭ “‬السياسي‭” ‬والحكومة‭ “‬الشاملة‭” ‬والواقع‭ ‬الجديد‭ ‬في‭ ‬أفغانستان،‭ ‬وعلى‭ ‬الأقل‭ ‬منذ‭ ‬اللحظة‭ ‬التي‭ ‬نزل‭ ‬فيها‭ ‬بردار‭ ‬من‭ ‬طائرة‭ ‬عسكرية‭ ‬أمريكية‭ ‬مع‭ ‬مرافقيه‭ ‬الى‭ ‬أرض‭ ‬مطار‭ ‬قندهار‭ ‬عائدا‭ ‬الى‭ ‬معقل‭ ‬الحركة‭. ‬لكنّ‭ ‬الشخصيات،‭ ‬من‭ ‬خارج‭ ‬الحركة،‭ ‬المرشحة‭ ‬للاشتراك‭ ‬في‭ ‬التداول‭ ‬السياسي‭ ‬لإعلان‭ ‬الحكومة،‭ ‬من‭ ‬الصعب‭ ‬التوافق‭ ‬عليها‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬هذا‭ ‬الوضع‭ ‬الغائم،‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬أساساً‭ ‬بنداً‭ ‬في‭ ‬مفاوضات‭ ‬الانسحاب‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬واشنطن‭ ‬فيها‭ ‬على‭ ‬يقين‭ ‬بأنَّ‭ ‬الحركة‭ ‬عائدة‭ ‬للحكم،‭ ‬وإلا‭ ‬ما‭ ‬معنى‭ ‬أن‭ ‬تتفاوض‭ ‬معها،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬حكومة‭ ‬أفغانية‭ ‬رسمية‭ ‬موجودة،‭ ‬وكان‭ ‬يتردد‭ ‬اسمها‭ ‬في‭ ‬المفاوضات‭ ‬ايضاً،‭ ‬لكنها‭ ‬ليست‭ ‬مركز‭ ‬الثقل‭ ‬المقصود‭ ‬في‭ ‬وجهة‭ ‬النظر‭ ‬الامريكية‭.‬‭ ‬المشكلة‭ ‬التي‭ ‬تواجه‭ ‬هذا‭ “‬المشهد‭ ‬السياسي‭ ‬الطارئ‭” ‬الذي‭ ‬تسوّق‭ ‬له‭ ‬طالبان‭ ‬يصطدم‭ ‬بوجود‭ ‬شخصيات‭ ‬مطلوبة‭ ‬على‭ ‬قائمة‭ ‬الإرهاب‭ ‬الامريكية‭ ‬منها‭ ‬خليل‭ ‬حقاني‭ ‬مثلاً‭ ‬الذي‭ ‬تتداول‭ ‬معه‭ ‬الحركة‭ ‬في‭ ‬كابول‭ ‬اعلان‭ ‬الحكومة‭. ‬إشارات‭ ‬أعطاها‭ ‬رئيس‭ ‬الحكومة‭ ‬البريطانية‭ ‬بوريس‭ ‬جونسون‭ ‬في‭ ‬انه‭ ‬سيتعامل‭ ‬مع‭ ‬طالبان‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬لأنها‭ ‬في‭ ‬مركز‭ ‬السلطة،‭ ‬بعد‭ ‬أيام‭ ‬من‭ ‬قوله‭ ‬انه‭ ‬ينتظر‭ ‬الأفعال‭ ‬ليحكم‭ ‬على‭ ‬الاقوال،‭ ‬والان‭ ‬يلوح‭ ‬مع‭ ‬مجموعة‭ ‬السبع‭ ‬بفرض‭ ‬عقوبات‭ ‬،‭ ‬وهذا‭ ‬كله‭ ‬يوحي‭ ‬بقابلية‭ ‬التغييرات‭ ‬في‭ ‬المواقف‭ ‬الدولية‭ ‬تبعاً‭ ‬لما‭ ‬يجري‭ ‬في‭ ‬كابول‭. ‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى