لتشعر المحافظات الأخرى بالخجل أمام بسالة الناصرية وتضحياتها اليومية والمتواصلة
بقلم مهدي قاسم
لا زالت الناصرية تنزف منذ أكثر من عام ، دافعة ثمن صمت محافظات أخرى ، التي باتت خانعة وساكتة و التي أغلبها تفرجت ، تتفرج على مواكب شهداء من شباب الناصرية غضين في أعمار زهور ، وهم يتساقطون يوما بعد يوم من أجل تغيير وإزالة هذا الورم السرطاني الضخم و الخطير من جسم العراق والمتمثل بعصابات اللصوصية والعمالة العريقة التي نخرت جسد العراق وامتصت دمائه كل هذه السنوات الطويلة حتى جعلته هيكلا عظميا لم يُعد يصلح لشيء إلا بالكاد ..ففي الوقت الذي رفعت بغداد المتظاهرة المحتجة المنتفضة لفترة راية التقهقر والتراجع ، شيئا فشيئا ، نحو الهدوء والصمت حتى الاستسلام الأخير ، واصلت الناصرية مسيرتها الاحتجاجية بنفس الوتيرة و الحيوية لإيمانها بضرورة مواصلة المسيرة حتى استئصال هذا الورم الخبيث ــ الآنف الذكر ــ كهدف أول وأساسي وأخير، بدون خداع الذات بأوهام ووعود و أباطيل وأضاليل ترقيعية كاذبة و مهلهلة ، غايتها الأساسية الإبقاء على هذا الإخطبوط الكارثي المتجسد بعصابات السرقة والنهب والفشل السلطوي والتي تلف ودور وتتفنن وتعقد صفقات وأحلاف أضداد بين الأخوة الأعداء الطائفيين من وراء الكواليس ومع فاسدين و خونة الوطن مماثلين على نمطهم البائس والرث ليبقوا في السلطة لمدة أطول و أطول .. فربما الناصرية هي وحدها قد أدركت بأنه لا تعويل حقيقي على فاشل و فاسد و خائن عميل على صعيد التغيير نحو الأفضل والأحسن وأن التغيير الحقيقي والجذري الأصيل يجب أن يبدأ من هؤلاء أولا ،لأنهم هم القوارض والمخلوقات الطفيلية والعراقيل والعقبات أمام أي تغيير حقيقي ، الذي لو حدث فعلا و حقا سوف يمسهم هم بالذات الأولى ، فمن هنا هذه الوحشية المفرطة و القاسية في مواجهتها بالرصاص الحي و القاتل قتلا جماعيا متواصلا ..فما على المحافظات الأخرى ألا أن تخجل من نفسها بسبب هذا الصمت المخجل الأمام ما يجري في الناصرية من مذابح ضد شباب يطالبون بالخبز والعمل والخدمات ليس إلا .