لترتابوا من أوضاعكم.. قبل أفغانستان
لترتابوا من أوضاعكم.. قبل أفغانستان _د. فاتح عبدالسلام
اعتاد العالم العربي أن يخاتل ولا يواجه الحقائق الصادمة المتوالدة من قاع المجتمع ومن بين مختلف طبقاته بما فيها المثقفة، نتيجة تهاون الدول والحكومات في تحقيق عدالة اجتماعية معقولة وفرص حياة كريمة تليق بالمواطنين وتحميهم من الانجرار نحو التطرف، الذي كان من السذاجة طوال عقدين من الزمن حصر مصدره في أفغانستان، كما يجري التذكير والتخويف اليوم مجددا باستخدام نفس الأساليب، بعد عودة حركة طالبان الى الحكم في كابول . لقد مرت عشرون سنة من اتعس أنواع السنين قتلاً وفتكاً وتجويعاً وتدميراً في البلدان العربية، في حين كانت أفغانستان بيد القبضة الأمريكية، وكانت طالبان مطاردة بالجبال، ولا تأثير لها في تصدير منظمات التطرف التي باتت تنبع كل يوم، من كُلّ حدب وصوب في بلدان العرب من العراق وسوريا الى لبيبا والمغرب. هناك اختلالات بنيوية في واقع العرب وانظمتهم السياسية، عليهم ان ينتبهوا اليها قبل أن يتحول التطرف ليصبح القاعدة الحاكمة والناظمة لتصنيف المجتمعات وحكمها ويحدد مسارات الحياة وشعاراتها. مراكز التطرف في العالم العربي تعددت وتنوعت وبعضها تشابك في وجوده واكتسب اغطيته من مظلات شرعية حاز عليها بالقوة وفرض الامر الواقع وبمساعدات خارجية خارج دائرة افغانستان، وهذا واقع يؤشر مرحلة من أسوأ مراحل التطرف، بما يتفوق عشرات المرات على ما كان عليه تنظيم القاعدة الذي تحول مع الزمن لما يشبه جمعية تعاونية سرية بين الكبار والصغار وسار على خطاه تنظيم داعش، من دون افق لنهايتهما او نهاية احدهما إلا بفض تلك البروتوكولات السرية التي يتحدث بها الناس في الشارع في البلدان المدمرة بحروب الإرهاب، وحسبي انّه الكلام الأقرب الى الواقع والحقيقة، حتى لو لم يكن هناك دليل ملموس بيد الناس . قبل الفزع والتحسب والارتياب والانشداه من الأوضاع المفاجئة في أفغانستان، على البلدان العربية ان تفزع من أوضاعها المريبة والمتفسخة التي انتجت التطرف بسهولة كبيرة، أو كانت مهيئة في فترات معينة لتستقبل قوافل المتطرفين . كفى تعليقاً لمشاكلنا على شماعة الآخرين.