لا ملعب من دون لاعب
فاتح عبدالسلام
من أين يستمد التيار الصدري قوته، ليكون كما هو حاله الآن، ماسكاً بخيوط أساسية في العملية السياسية التي باتت مترنحة في العراق اليوم، سواءاً كان التيار داخلها أو منسحباً منها، لا فرق؟هذا السؤال يشغل أغلبية المعنيين بالشأن العراقي في الداخل والخارج، ذلك انّ هناك مفاصل في الحياة العراقية تخضع لتحليل معمق من مراكز الأبحاث وورش الخبراء والسياسيين من ذوي الصلة.
امّا المعنيون بشأن تحليل وضع العراق في الداخل فهؤلاء يخضعون لتأثير التجاذبات السياسية وما يصدر عنهم يكون مُبيتاً لغاية دعم معسكر ضد آخر، ولا توجد تحليلات ذات رؤية معمقة من دون تأثير عاطفي أو انحياز اضطراري أو طوعي.
هناك، مَن يكاتبني مطالباً إياي بالإجابة على التساؤل. وكأنّ الإجابات تكون بنعم أو لا، أو عبر كلمة قاطعة كحال إجابات الانحياز والتعريض والمساجلة التي اكتسبها المشهد السياسي عامة.يمكن النظر الى التيار الصدري كظاهرة سياسية اجتماعية دينية وفردانية في تداخل معقد هو نتاج واقع محيط به ويغديه ويأخذ بيده الى مسارات وتطورات لا يمكن الإحاطة بتوقعاتها دائماً.كما انَّ التساؤل المشار اليه، مرتبط بسؤال متضمن الإجابة في ذاته، وهو انّ قوة التيار مستمدة من منافسيه السياسيين الذين لم يستطيعوا أن ينتجوا الحالة الموازية ولا أقول المساوية، ومن ثمَّ لم يستطيعوا برغم امتلاكهم أحيانا أدوات الحكم والنفوذ كاملة او غير كاملة التحوّل الى تيار، وبقوا في نطاقات أضيق كحزب أو تجمع أو فصيل أو جهة.
غياب خواص لدى المقابل تمنح التيار خاصية مضافة الى إمكاناته الذاتية. في الطرف الاخر من المعادلة غير المتوازنة في الواقع السياسي المنظور والمحصور في نطاقات جغرافية وعقائدية معينة، يفيد المنافسون من ثغرات اعتماد التيار على قوة التأثير المركزي الشخصي، وهذا يجعل قوة الفرد هي الأعلى في سياق الفكر والاجراء، في الماضي والحاضر، منها الى الجماعة بالرغم من انّ الفرد مستمد قوته من حجم الجماعة.انّ التيار يحيل الى وجود صورتين، صورة القوة الظاهرة وصورة القوة الضامرة في المشهد السياسي المنتج للحكومات العراقية ورؤسائها، وهنا يتر تب على الصورتين استحقاقات وايجابيات، وسلبيات، ومكاسب، وخسائر.
غير انّ المحصلة من كل محاولة للإجابة تفضي الى نتيجة هي انّ التيار الصدري لاعب لا وجودَ اليوم للملعب من دونه، برغم الانسحاب المعلن، ولو بعد حين.