لا سبيل الى الاستقالة
د. فاتح عبدالسلام
هناك فرق كبير بين أن يستقيل وزير في بلداننا العربية عقب أزمات داخلية معينة وبين استقالة وزير أوروبي في أوضاع واحداث مشابهة. أمس استقالت وزيرة الخارجية الهولندية بعد الفشل في تحقيق اجلاء منظم للأفغان والأجانب من أفغانستان. في هولندا تتوافر الموارد التي تدعم الوزير لتنفيذ القرار الذي يتخذه إذا كان في الاتجاه الصحيح. وحين تكون هناك مشكلة وضجة في الرـزي العام إزاء تصرف او سلوك او قرار، يذهب الوزير المعني الى خيار مباشر وسريع في ان هناك من هو أفضل منه فيس قيادة تلك الموارد التي تتوافر عليها وزارته وعليه ان يستقيل فوراً. في البلدان العربية، تقع الكارثة، ويتحمل الوزير مسؤوليتها، وهو ليس كل سبب المشكلة، وانما جزء بارز منها ذلك ان الهيكل الذي تقوم عليه دوائر الوزارة متعب ومهترىء وفاشل احياناً، وهنا لا معنى لتبديل وزير مكان آخر، مادامت اركان الوزارة فاشلة، والمعنى المستحصل الوحيد هو امتصاص نقمة محدودة لاجتياز عقبة. في العراق، الحال ليس له وصف يناسبه، ذلك ان الوزير غير معني اذا كانت اركان وزارته مدمرة وفاشلة، بل ان من واجباته الضمنية عند الاستيزار الا يمس تلك الخطوط الحمراء لتستمر الوزارة على نفس سياقات ما سبقها باستثناء ما تعارفت عليه الحكومات التي لا تحل ولا تربط من لمسات في الشكل والعناوين . الوزير العراقي لا يعرف شيئاً عن الاستقالة لأسباب تخص الفشل وسخط الناس، لأنه على قناعة ان العراقيين ساخطون على الجميع وان الفشل الكبير له ارباب كبار لا حصر لهم، وان المسألة غير متوقفة عنده.