لا زلتُ أعتبر التظاهرات أمرا مستعجلا وسلوكا غير مسؤول
الكاتب مهدي قاسم
تؤكد أخبار وزارة الصحة العراقية و معها خلية الأزمة على ارتفاع و تصاعد مخيفين جدا بين صفوف المصابين بوباء كورونا في الآونة الأخير ، بحيث أخذت تتراوح ما بين 1000 و1500 يوميا و ربما أكثر أيضا بحكم انخفاض و تصاعد غير ثابتين ، بينما التنبؤات العامة تنذر بما هو أسوأ في قادم الأيام ، وهو الأمر الذي يجب أن يدفع الناس ، إلى حذر شديد و تمسك قوي بقرارات و إجراءات الحظر الصحي والتباعد الاجتماعي في هذه الأيام ، أكثر من أي وقت مضى ، بحكم هذا التصاعد المتفاقم بين المصابين يوما بعد يوم ، حيث من المحتمل جدا أن كل مصاب من بين هؤلاء قد يُعدي ثلاثة أو أربعة آخرين ، أي أن كل ألف سيُعدي ثلاثة أو أربعة آلافا ، و مثلما سبق لنا أن أكدنا على هذه الحقيقة في مقالاتنا السابقة ذات صلة بموضوع وباء كورونا ، و لهذا فإنه من المثير للاستغراب والدهشة حقا أن نتواجه بهذا الإصرار الغريب من قبل فئات ليس فقط بدأت تتظاهر أنما صّعدت من زخم تظاهراتها الجماهيرية الحاشدة ، و خاصة في هذا الوقت بالذات ، و كأن شيئا لم يكن !!، بالرغم من تحذيرات حريصة تأتي من هنا ومن هناك من مغبة هذا السلوك الانتحاري و غير المسؤول أو الذي يضر أكثر مما ينفع ، ولكن أضراره أفدح بكثير و أوسع انتشارا و خطورة على سلامة الصحة العامة و تهديدا مباشرا لها بكوارث صحية رهيبة ..
إذ يُفترض بهؤلاء المتظاهرين أنهم يشكّلون الطليعة الأمامية للتضحية والفداء من أجل أهداف إنسانية نبيلة ووطنية سامية ، و ساعية نحو تغيير نحو الأفضل والأحسن والأجمل ويبغون من وراء ذلك كل الخير و الإصلاح الماديين للمجتمع ، فكيف تسمح لهم أنفسهم وأهدافهم النبيلة أن يعرّضوا حياة المجتمع برمته لمخاطر موت جماعي تحت ظل جائحة كورونا ، وهم يتظاهرون الآن تحت هذه الظروف العصيبة من المخاطر الجدية المحدِقة في الوقت الذي يجب عليهم الحرص الأكبر على سلامة الصحة العامة من خلال عدم القيام بتظاهرات و من ثم الالتزام الشديد بالحظر الصحي بكل صرامة و شدة ؟!!..
و يبقى أن أضيف إلى أنني أكثر ما ازعجني وجعلني أشعر بأسف و أسى من فيروس كورونا هو أنه قد تسبب بوقف وتراجع زخم التظاهرات التي وصلت إلى أعلى درجات الضغط والإحراج على عصابة لصوص المنطقة الخضراء ، بعد تقديمها مئات من شهداء أبطال ، و حيث كنت من أشد المناصرين لها ، و ذلك من خلال عديد من مقالات كنتُ قد كتبتها تأييدا وتشجيعا للمتظاهرين و دعما إعلاميا متواصلا لهم .
ولكن أما الآن فأنا لستُ كذلك ، طالما فيروس كورونا لا زال منتشرا و مهددا لسلامة الصحة العامة ، بحكم كون منطق العقل عندي أقوى من حماسة و عاطفة القلب ..
إذ إن لكل شيء أولويته المهمة والضرورية ..
تنويه : حدث سهو لغوي فادح ، ربما نتيجة استنساخ بعض العبارات بين السطور في مقالتي التي نشرتها البارحة تحت عنوان ( ضرورة إعادة النظر في رواتب التقاعد البالغة الخمسين مليونا ) حيث جاء السهو على نحو : ” من هيمنة اللصوص الإسلاميون على السلطة ومصادر المال العام ) طبعا ، الأصح و الأصوب هما : ” من هيمنة اللصوص الإسلاميين ” بحكم كون ” من ” من حروف الجر التي تجر ليس اللصوص الإسلاميين فقط إنما جبالا بكاملها أيضا !.. لذا اقتضى التنويه مع أسفي الشديد