لا رافدان بعد الكارثة
لا رافدان بعد الكارثة – عذراء الركابي
ينوء العراق بأعباء التلوث، التي غطت البيئة كاملة.. الماء والهواء والدواء والغذاء والتربة والسمع والبصر والذوق العام.. حتى الذوق العام بات محكومة بإسقاطات التلوث الذي يعيشه في إشتملات حياته كافة.عملاً بالقاعدة الصحفية الهرم المعتدل؛ بإعتباري إعلاميةً، أبدأ بتلوث التربة من حيث المقذوفات الحربية غير المنفلقة واليورانيوم المترسب بين ذرات الثرى.. منضباً وغيرَ منضبٍ.وغالباً ما يدوس العمال ألغاماً… أو تخرج “كيلة “الجرافة، من باطن الأرض، وهي تحمل صاروخاً نسيه الجند أو تثاقلوا عن حمله كسلاً.“يا بشرى هذا غلام” وبشرى العراقيين صاروخ معد للإنفجار.فالتربة على صعيد أديم الأرض.. الثرى، تعاني من ترسب اليورانيوم الذي لن تنظف منه الأرض، إلا بعد ثلاثمائة ألف عام من العمل المتواصل في تطهير المنطقة من الآثار النووية والنفايات المسرطنة! كيف وهي لم تنظف من النفايات التقليدية.. مثل بقايا الأكل والأوساخ والسكراب…..جيولوجياً ترك اليورانيوم المنضب، سرطانات تنشب إنشطاراتها في الجسد البشري، على مدى ثلاثمائة ألف عام في أقل تقدير من المعنيين بالهندسة الكيميائية.مصب مياهوالماء.. في العراق تتخذ أمانة بغداد وبلديات المحافظات من دجلة والفرات مصباً للمياه الثقيلة، التي تفرزها المعامل من دون رقابة بيئية من وزارة الصحة والجهات الرسمية المعنية.ثمة معامل تستخدم مركبات كيميائية شديدة الضرر، وقيس على ذلك كل الوسائل والأدوات والمخلفات الصناعية والنواتج العرضية وعمليات البزل الزراعيـــــة غير الخاضعة لتصفية ولا تنقية تحمي البيئة، من سموم المبيدات الحــــــــشرية والسماد الكبريتي والفوسفاتي، وبالتالي إلحاق ضرر بالتربة والماء والإنسان.وقد بان ذلك واضحاً بالنفوق الجماعي للأسماك بين مدة وأخرى في العراق من دون أن تنشر وزارة الزراعة بياناً توضيحياً يبرر للشعب العراقي إهمال وزارة الزراعة في الحفاظ على ثروات العراقيين من أسماك وموجودات نهرية ومياه شرب تركت للتلويث حتى بعد خروجها من محطات التصفية البدائية المنتشرة قرب “كهوة الطرف” من دون متابعة رسمية من الجهات الصحية والبيئية التابعة لوزارة واحدة.. بما يعني أن الجهد واحد وليس ثنائياً بين وزارتين يتطلب التنسيق بينهما.. ومع ذلك لم نلمس متابعة أو رقابة على محطات تصفية مياه الشرب المنتشرة بين البيوت من دون إجازات رسمية.وتلك تهون قياساً بالقاذورات التي تضخ الى نهري دجلة والفرات بمئات ألوف الألتار من زاخو الى الفاو من دون رقابة واقية لمنع التلوث حماية للمواطن وتقديس حرمة النهرين اللذين نشأت عليهما حضرات بابل وسومر وما بينهما وما قبلهما وما تلاهما.فيما يتلقى الهواء عوادم السيارات وموادلت الكهرباء المناطقية والمنزلية، فالعوادم التي تطلقها ملايين المولدات والسيارات و…. سواهما مع الإهمال المنظم في العراق كفيل بتسميم فضاء أية دولة وتدمير خلايا جسد الإنسان بأنواع الإلتهابات.تتضافر عوامل مع الإهمال، مثل إنعدام الحزام الأخضر حول المدن، وزحف الصحراء على الحواضر، فإن غذاء العراقي ملوث وحياته ملوثة وكل مفاصل حياته ملوثة بطريقة مستفزة تجعله غاضباً مغتاظاً مستعداً للدخول في شجار لأتفه الأسباب.المعلبات الواردة من مناشئ غير مرخصة صحياً، لا تفحص وإذا فحصت.. غالباً ما يجيء الفحص ضدها، لدخول مواد مسرطنة في بسترتها ووجود مواد مرضية حافظة، لكنها تتسرب رسمياً من المنافذ التي تحفظت على إستـــــــيرادها الى أسواق العراق؛ لأنها مكفولة من شخصيات متنفذة في البلد.. فوق القانون والدستور والسياقات الصحية، لا يبالون بتبعات ما يقدمون عليه من ضرر يلحقونه بالصحة العامة، نظير مصالحهم الشخصية والفئوية وولاءاتهم العقائدية على حساب الوطنية.والكلام ذاته يشمل الأدوية…!بالمقابل.. داخلياً غذاء المواطن غير مفحوص ولم يخضع لرقابة؛ فالمطاعم لم تتلقَ زيارة رقابية لمتابعة مستوى النظافة، وهو شأن مشترك، تشكل لأجله لجان تنتظم فيها قوات أمنية وتشكيلات طبية ومهندسون وخبراء تغذية، هــــل ترتقي الرقابة في العراق الى هذا المستوى؟إن شاء الله ترتقي.. فلنبقَ ساعين الى ذلك.