لا خيار َثالثاً بعد الإفلات من العقاب
د. فاتح عبدالسلام
الإفلات من العقاب صار في غضون سنوات قليلة، ثقافة قائمة بذاتها، تحملها رؤوس زعامات سياسية وجماعات مسلحة تسعى للنفوذ والاستحواذ على الثروات وتجسيد دور اسداء الخدمات للخارج. اقتل يا فلان يا عنوان، والحزب او التنظيم المسلح أو السياسي الشهير وراءك. اجمع الأموالَ لصالح الجيوب خارج خزانة الدولة ولا تهتم لسخط أو غضب فضلاً عن عقاب. ماذا يمكن أن يكون من حصاد بعد ذلك؟ لا شيء البتة سوى شريعة الغاب، إذ يأكل القوي الضعيف، ثمّ يصطرع الأقوياء فيما بينهم، حتى تكون الغَلبة لقوي واحد يسود بعد تفسخ البلد والمجتمع وانهيار مقوماته وتحوّله الى دولة فاشلة، وليس كما هو الحال اليوم حيث الدولة موجودة لكنها مخترقة ومنتهكة واحياناً شبه فاشلة. المسيرات تجوب شوارع مدن عراقية ومدن أخرى في بلدان كثيرة بالعالم، تنادي بإيجاد حل للانفلات الواقع بالبلد الذي أسفر عن الإفلات من العقاب. وفي الجانب الاخر هناك طبقات من المجرمين والقتلة واللصوص والمنحرفين الجهلة، وبعضهم معاقب امريكياً يقفون بكل ما لهم من عناصر قوة أمام إرادة الشعب ولمنع هذا التوجه. لابدّ من استحداث تشريعات ذات جدوى قانونية فاعلة ومرتبطة التطبيق بأجهزة تنفيذية غير مسيسة، وسوى ذلك يعني استمرار الدوران بدائرة فارغة حتى الوصول الى تلك الدولة الفاشلة التي تلوح للعيان احياناً لشدة الانتهاكات ضد القوانين. الطريق طويل وصعب، ولكن هناك من يصر على ان يسلكه برغم التضحيات الكبيرة المحتملة. فلا خيار ثالث للعراق بعد ثماني عشرة سنة نخرت البلد نخراً، إما النجاة بالمركب أو الغرق بكل حمولته. حقاً لم يعد هناك مجال لخيارات التسويف .