لاتستوحشوا طريق الحق لقلة سالكيه
هادي جلو مرعي
لليائسين هناك أمل. يؤمن معظم الناس باللحظة، لايستوعبون فكرة التغيير الصادم، يتغافلون عن السنن الغيبية، أتاحت لهم التكنلوجيا الحديثة وهما مفزعا أنهم يفهمون في الطب والهندسة وفي زراعة الأرض، وتكنلوجيا الفضاء، وبإمكان الواحد منهم تفكيك منظومة صواريخ عابرة للقارات، يستطيعون شرح قدراتها، ومداها الذي تقطعه في وقت قياسي لتصل الى أهدافها، ثم يتحدثون عن أثرها التدميري الذي ينتج عن المادة التفجيرية المحشوة، وربما ظنوها قوة الإرتطام، وليس المواد التي عبأ بها الصاروخ، هم أيضا يفهمون لغة هنري كيسنجر، ولماذا تتحرك السفن الحربية في المحيط الهادي، ويتمكنون وبسرعة من نقل البحر الأسود مكان الكاريبي، والمتوسط مكان خليج المكسيك، ويفهمون لعبة كرة القدم، وأسماء لاعبي الأندية، ومثلهم مثل العبقري الذي يعبد شجرة، أو حيوانا، فيحاجه الرب بسؤال : ماقيمة عبقريتك التي لم توصلك إلي، وابقتك عبدا لشجرة؟ هولاء يهرعون للإستسلام في مواجهة النكسات، ويظنون عدوهم منتصرا حتى وإن كان منكسرا، وخائفا منهم، يعطونه ضمانات النصر، ويتوارون عن المواجهة وكأنهم لايعلمون كيف تتغير الحياة، وكيف يكون صعود الأمم وإن طال سلما للنزول، وكيف يكون نزولها عن سدة الحكم والقيادة في لحظات تاريخية تفجر مشاعر الحماس والجنون والشعور بالزهو عند فئة، والخيبة والخذلان عند فئة مقابلة، وكيف تتحول الأمبراطوريات التي لاتغيب الشمس عن مستعمراتها الى مجرد دول تتوسل حماية نفسها، وتحقيق مكاسب لها تستعين بها على مواجهة تقلبات الحياة المتسارعة، وينسى هولاء أن لاصعود دائم، ويتجاهلون المثل الجميل في لوحة من الشعر ماطار طير وإرتفعآلا كما طار وقع صراع الأمم مستمر لايتوقف، ومعه صراعنا نحن، وصراع قيم الخير والمحبة والسلام مع الشر والعدوان والأحقاد التي يتوارثها البعض ليستخدمها في معاركه، ليبقى مسيطرا متحكما في الأرض، فلايعطي مجالا لغيره، ولايسمح بالمشاركة، ويرغب بالناس أتباعا صاغرين بلارؤية، ولارأي، ولادور آلا في ظله، فهو الذي إنبسطت له الأمور، وخضع له كثر بعد أن فقدوا القدرة على المواجهة والصمود، بل وأذعنوا لسطوته متوهمين بقاءه الذي لاينقطع، متجاهلين أنه لابد أن يشيخ ويهرم، ويتحول الى ذكرى لاقيمة لها، ولايتوقف أحد عندها كثيرا، بل ويتجاوزه الى حدث جديد يشغله، سواء كان يأمل منه منفعة، أو كان مسلطا عليه لسبب ما. نتيجة هذا الصراع أن تصعد أمة، وتنهار أخرى، وتشغل الصاعدة مكان من نزلت مرغمة لتبدأ دورة صراع جديدة مهلكة، فلكل صعود ضريبة، وحيت تنزل فلابد من ضرائب تدفع، وديون تسدد، وأرواح تزهق ومعالم تنهار، لتشرق حضارة مختلفة بثقافة، وعادات وتقاليد وسلوك لامثيل له في السابق، وحين يحدث ذلك فلنا منه نصيب فإن كنا كعرب ومشرقيين مستعدين له لنأخذ حيزا فلابد أن نمتلك مانريد، ونتمكن منه، ونرغم الآخرين أن ينسوا أننا مجرد أرقام، وعناوين باهتة، وحينها يرضخون، ولايتشبثون بحقوقنا، ويعترفون لنا بها صاغرين، والمهم أن لانستوحش طريق الحق لقلة سالكيه.